للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الشبهة الرابعة (١): احتجاجهم بقول النبي عندما سئل عن صيام يوم الاثنين، قال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ … » (٢)، بأنه كان يعظم يوم مولده، ويعبّر عن هذا التعظيم بالصوم، ويعتبرون هذا مسوغًا لدعوى الاحتفال.

تفنيد هذه الشبهة:

١ لم يأتِ عن النبي ما يدل على أنه صام يوم الاثنين؛ لأجل تعظيم يوم ولادته، أو لفضيلة شهر ربيع الأول، وإنما جاء عنه الترغيب في صيام يوم الاثنين والخميس أيضًا؛ لأجل إنهما يومان تُعرض فيهما الأعمال على الله ، وأنه يحب أن يُعرض عمله على الله وهو صائم (٣).

فالنبي لم يصم يوم ولادته، وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول إن صح تحديدهم، وإنما صام يوم الاثنين الذي يتكرر مجيئه في كل شهر أربع مرات، ولو كان الأمر كما احتجوا به، لكان الترغيب في صوم يوم الاثنين مقصورًا على أيام الاثنين التي تكون في شهر ربيع الأول، دون غيره من بقية الشهور، فتبين أن هذا الاستدلال في غاية البعد والتكلّف، وبناء عليه فإن تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأول، بعمل محدد دون يوم الاثنين من كل أسبوع، يعتبر استدراكًا على الشارع، وتصحيحًا وإكمالاً، وما أقبح هذا إن كان! (٤).

٢ ولو سلمنا للمراد من إقامة المولد وهو شكر الله تعالى على نعمة ولادة النبي فيه وخروجه إلى الدنيا، فإن المعقول والمنقول يحتم أن يكون الشكر من نوع ما شكر الرسول ربه به، وهو الصوم.

وعليه يلزمهم الصيام كما صام ، غير أن أرباب الموالد لا يصومونه؛


(١) يُنظر: الرد القوي على الرفاعي والمجهول وعلوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي (٦١).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس (٣/ ١٦٧/ ح ١١٦٢).
(٣) يُنظر: إلى ما أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الصوم عن رسول الله ، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس (٢/ ١١٤/ ح ٧٤٧)، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٤/ ١٠٤).
(٤) يُنظر: الرد القوي، لحمود التويجري (٦١ - ٦٢)، الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف، لأبي بكر الجزائري (٣٧٢).

<<  <   >  >>