للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (١)، فهذا النص الصحيح يدل على أن ما فعله عمر من جمع الناس على إمام واحد في قيام رمضان فهو سُنَّة وليس ببدعة.

فقوله : «نعمتُ البدعة هذه» إطلاق كلمة البدعة لغوي لا شرعي (٢)، إذ إن مفهوم البدعة في اللغة أوسع منه في الشرع، فلا تعني تسمية أمير المؤمنين عمر لها: «بدعة» أنها بدعة في الدين، وإنما سماها باعتبار ظاهر الحال (٣)، أو قد يكون من باب الرد والتنزّل في الحجة على من قال: إنها بدعة.

فالإلزام بأنه يقصد أنها بدعة حسنة، أو أن البدع منها ما هو حسن من حيث المبدأ؛ إنما هو تقوّل على أمير المؤمنين ، وافتراء على الدين (٤).

ويصح قول بدعة حسنة أو سيئة في البدع اللغوية الدنيوية، أما البدع الدينية الشرعية فلا تكون إلا سيئة (٥).

والمتأمل في قول المحتجين بالجواز يجد أن هناك تناقضًا بين قولهم: سُنَّة مباركة وبين قولهم: بدعة حسنة، ففي الشبهة الثانية: تستلزم دعواهم الاستدراك على الشرع والدين، في تشريع سُنَّة لم يشرعها الله ولا رسوله .

وفي الشبهة الثالثة: تستلزم دعواهم مناقضة النصوص الثابتة عن النبي ، في ذم البدع والتحذير منها، والأمر بردها.


(١) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السُّنَّة، باب في لزوم السُّنَّة (٤/ ٣٢٩/ ح ٤٦٠٧)، والترمذي في جامعه، أبواب العلم عن رسول الله ، باب ما جاء في الأخذ بالسُّنَّة واجتناب البدع (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩/ ح ٢٦٧٦)، صححه الألباني في مشكاة المصابيح (١/ ٥٨).
(٢) يُنظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٩٥)، جامع العلوم والحكم، لابن رجب (٢/ ١٣١).
(٣) يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٢٥٠).
(٤) يُنظر: تحقيق اقتضاء الصراط المستقيم، ناصر العقل (١/ ٦٥).
(٥) يُنظر: الرد القوي، لحمود التويجري (١٩٢).

<<  <   >  >>