للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنهجوا بذلك نهج من استغنى عن النبوة بهواه، وعن الوحي برأيه، حتى ثقل عليهم الإيمان بحقائق أسماء الله وصفاته ﷿، ونصوص البرزخ والبعث، والحساب والجزاء، والميزان، والصراط، لعدم إدراكهم لها بعقولهم! (١).

ولقد تصدى شيخ الإسلام ابن تيمية للرد على المخالفين لمنهج أهل السُّنَّة القائلين بتقديس العقل وتقديمه على النقل، وأفحمهم بالحجج والبراهين القوية في كتابه المبارك الجامع الناجع النافع: درء تعارض العقل والنقل.

وأشار إلى هذا الكتاب العالم ابن القيم في نونيته بقوله (٢):

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي

ما في الوجود له نظير ثان

وقد أكّد الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين على ذلك في تعليقه على النونية، مشيرًا إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: وهو كتاب عظيم … ويريد بما في الوجود من الكتب المؤلفة في بابه، رأيته [كأنه] يقول: أنا مستعد لكل من أتى بدليل من كتاب الله أو من صحيح سُنَّة رسول الله كل من أتى بدليل يستدل به على باطل، فأنا مستعد أن أجعله دليلاً عليه لا له.

انظر القدرة والله يؤتي فضله من يشاء، فكل ما يستدل به أهل الباطل من كتاب الله أو صحيح السُّنَّة فإنه دليل عليهم وليس دليلاً لهم، وهذه قدرة في معرفة المعاني وكيف يرد الشيء، أو كيف يرد الخنجر في صدر من عدا به، إذا كان عدوانه على باطل (٣).

وكذلك بذل أبو الحسن الأشعري جهدًا كبيرًا بعد انسلاخه عن المعتزلة في بيان خطئهم في تقديس العقل وسلطانه على كل القضايا، دينية كانت أو دنيوية، وإثبات أن التمسك بالنصوص الدينية الشرعية، والآثار المروية، لا يعارض العقل.


(١) يُنظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد، لعثمان بن علي حسن (١/ ١٦٨ - ١٦٩، ١٧٩).
(٢) متن القصيدة النونية، لابن القيم (١/ ٢٣٠).
(٣) يُنظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤).

<<  <   >  >>