للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الشبهة الثالثة: عدم الاحتجاج بأحاديث الآحاد؛ بحجة أنها ظنية وتحتمل الصدق والكذب من الراوي، وأنها لا تؤدي أداء الشهادة (١).

تفنيد هذه الشبهة (٢):

١ جاء الأمر بقبول خبر الآحاد في القرآن، وجرى العمل عليه في شرع الله، قال تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ [الطلاق: ٢]، وقال: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]. ولم يشترط شهادة التواتر (٣).

٢ أن خبر الواحد العدل يقبل، وهو مفهوم المخالفة من قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ *﴾ [الحجرات]، وكما بوّب الإمام البخاري في صحيحه باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام.

٣ ما جاء عن الرسول من إرسال أمرائه ورسله، وقضاته؛ لتبليغ الأحكام، والقضاء، وأخذ الصدقات، وتبليغ الرسالة (٤).

٤ إجماع الصحابة وجماهير المسلمين على قبول خبر الآحاد (٥)، فقد اشتهر ذلك عنهم في وقائع لا تنحصر، منها:

أ عند تحويل القبلة، فقد كان المصلون من أهل قباء مستقبلين بيت


(١) مجلة أهل الحديث، للحافظ أسلم (٩/ عدد ٣) إبريل ١٩٣٦ م، وتعليمات قرآن (١٠٢)، ومقام حديث، لبرويز (٣٧)، وبلاغ الحق، لمحب الحق (١٥)، نقلاً من كتاب القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة (٢٥٣).
(٢) للاستزادة في الرد على هذه الشبهة يُنظر: الرسالة للشافعي (٤٠٠ - ٤٧٠)، الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم (١/ ١١٩ - ١٣٧)، مذكرة أصول الفقه، لمحمد الأمين الشنقيطي (١٥٤ - ١٥٧)، السُّنَّة ومكانتها في التشريع، لمصطفى السباعي (١٥٥ - ١٦٦).
(٣) القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة، لخادم حسين إلهي بخش (٢٥٤).
(٤) الواضح في مصطلح الحديث، لعبد العزيز الشايع (٦٠) بتصرف.
(٥) حكى الإجماع ابن قدامة المقدسي في روضة الناظر (١/ ١٩٢)، وكذلك النووي في شرحه على صحيح مسلم (١/ ١٣١): قائلاً: فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها.

<<  <   >  >>