للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأمر والنهي أجمع المسلمون على تركه إلا أن يكون له حديث صحيح يدل على أنه منسوخ، ولا يعلم عن النبي حديث صحيح أجمع المسلمون على نقيضه فضلاً عن أن يكون نقيضه معلومًا بالعقل الصريح البيِّن لعامة العقلاء فإن ما يعلم بالعقل الصريح البيِّن أظهر مما لا يعلم إلا بالإجماع ونحوه من الأدلة السمعية (١).

فتقديم النقل الصحيح على العقل الفاسد المعارض له، واجب؛ بل هو أصل من أصول الإسلام (٢).

٩ من الخطأ مقابلة العقل بالنقل، إذ إن العقل يقابله الجنون!

وهذه المقابلة بين العقل والنقل أثر من آثار الثنائيات المتناقضة التي نادت بها المسيرة الفكرية الغربية (٣)، وهي مسيرة سبقهم بها إبليس لما أعرض عن السجود لآدم وقدّم عقله الفاسد على أمر الله ، فكان هو أول من قدّم رأيه وعقله على أمر الله وشرعه، ووافقه على ذلك أهل البدع وسلكوا مسلكه (٤).

وعلى هذا؛ فإن القائلين بتحكيم العقل وتقديمه على النقل من المعتزلة، والرافضة (٥)، والأشاعرة (٦)، ومن نحا نحوهم من العقلانيين الذين هم أفراخ المعتزلة حيث ضلوا عن سواء السبيل، وأسسوا دينهم على معقولات من عند أنفسهم مع اختلافهم وتنازعهم فيها وسموها قطعيات، وجعلوا النصوص تبعًا لها، فإن أفصحت النصوص بموافقتها أخذوا بها معتضدين، وإن خالفت ردوا ألفاظها بالطعن والتشكيك والتكذيب، أو معانيها بالتأويل والتحريف، والتفويض، والتعطيل.


(١) يُنظر: درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٨٥).
(٢) يُنظر: موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب (٤/ ٢٠٧٩).
(٣) يُنظر: حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، لنخبة من العلماء (٤٠٢ - ٤٠٣).
(٤) يُنظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، للملطي (٨١ - ٨٢).
(٥) يُنظر: أصول الفقه، لأبي زهرة (٧٠ - ٧٤).
(٦) وكذلك الماتريدية. يُنظر: شرح العقيدة السفارينية، لابن عثيمين (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>