للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها، ركبت متن عمياء، وخبطت خبط عشواء، فلم يثبت لها قدم، ولم ترتكن على أمر تطمئن إليه (١).

فإدراك العقل له حد ينتهي إليه لا يتعداه، ولم يجعل الله له سبيلاً إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كان كذلك لاستوت مع الباري في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون، إذ لو كان كيف كان يكون؟

فعلم الله لا يتناهى، وعلم العبد متناهٍ، والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى (٢).

٣ من المعلوم قطعًا و يقينًا أن كل ما جاءت به الشريعة لا يُعارض العقل، لكن أي عقل هو؟

العقل الصريح؛ أي: السالم من الشبهات، والشهوات، وليس العقل المشوب بشبهة التبست عليه وخلطت الحق بالباطل، أو شهوة ظهرت له فاتبع هواه، فكل ما جاءت به الشريعة فإنه لا شك موافق لصريح المعقول ولا يمكن أبدًا أن يخالفه (٣).

٤ يستند العقل في أحكامه إلى معطيات الحس، التي تأتيه عبر رسله؛ كالسمع والبصر، وغيرهما من الحواس، وهذه تنقل بدورها إدراك أشياء موجودة مشهودة، تقع على الحواس مجتمعة أو منفردة، فيقوم العقل بعملية التركيب والتحليل، والتجميع والتفريق، وقياس الأشباه والنظائر، ثم استنباط القواعد، واستخراج النتائج، وإصدار الأحكام، وهو في كل هذا العمل إنما يعتمد على معطيات حسية، لها وجود مشهود، ولو تعدى هذا المجال لنطق بغير علم، وحكم من غير هدى (٤).

٥ لن يهتدي العقل إلا بالشرع، والشرع لا يتبين إلا بالعقل، فالعقل


(١) يُنظر: لوامع الأنوار البهية، للسفاريني (١/ ١٠٥).
(٢) الاعتصام، للشاطبي (٢/ ٨٣١).
(٣) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤) بتصرف يسير.
(٤) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد، لعثمان بن علي حسن (١/ ١٧٥ - ١٧٦).

<<  <   >  >>