ويتجلّى موقف المستشرقين من الآثار الوثنية والجاهلية من خلال التعظيم والتبجيل فضلاً عن الإحياء، إذ إن التنقيب عن الآثار يصحبه اهتمام وترميم، وإعادة تشكيل ما تضرر منه، ومحافظة على الموقع الذي وُجد فيه، وإذاعة نتائج اكتشافه ومن ثم إبرازه في موقعه إذا كان لا يُنقل، أو نقله للمتاحف التي أصبح لها نوع من القداسة المشابهة لقداسة دور العبادة، بحيث يجد الزائر للمتاحف أجواء غريبة داخل المتحف من قِبل الزوار الذين تعلموا منذ الصغر تعظيم التماثيل والصور القديمة المحفوظة في المتاحف، وأنها لا تقدّر بثمن.
حيث تجد الزائر يقف أمام بعض القطع الأثرية منبهرًا وهذا مشاهد في الواقع، حيث تظهر على رواد المتحف علامات الإعجاب والانبهار والتعظيم والتبجيل.
أضف إلى ذلك ما يفتعله المشرفون على المتحف من التعتيم المصطنع في بعض الزوايا، والإضاءة الخافتة في بعضها الآخر، ومن أسلوب العرض لبعض اللوحات، كأن تعرض لوحة واحدة بمفردها في قاعة كبيرة خاصة، وقد يخصص بناء كامل مستقل للوحة أثرية واحدة (١).
إن موقف المستشرقين تجاه الآثار الوثنية صريح وظاهر من تعاملهم وسعيهم، ولا إشكال فيه، وتتجلى حقيقة موقفهم تجاه الآثار الوثنية والجاهلية، من الوسائل التي اتخذوها؛ لتحقيق أهدافهم، وبيان ذلك من خلال التفصيل في أمرين:
أ الوسائل والطرق المستخدمة في إحياء الآثار الوثنية والجاهلية.
ب الدوافع والأهداف في إحياء الآثار الوثنية والجاهلية.