للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على قبر نبي ولا صاحب ولا أحد من أهل البيت ولا صالح أصلاً؛ بل عامة هذه المشاهد محدثة بعد ذلك.

وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة، وكثر فيهم الزنادقة الملبسون على المسلمين وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة.

فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب، ثم جاءوا بعد ذلك إلى أرض مصر. ويقال: إنه حدث قريبًا من ذلك: المكوس في الإسلام. وقريبًا من ذلك ظهر بنو بويه.

وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية. وفي دولتهم قوي بنو عبيد القداح بأرض مصر وفي دولتهم أظهر المشهد المنسوب إلى علي بناحية النجف وإلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك! (١).

وقال : الرسول أمر الناس بالقيام بحقوق الله وحقوق عباده، بأن يعبدوا الله لا يشركوا به شيئًا.

ومن عبادته الإحسان إلى الناس حيث أمرهم الله سبحانه به كالصلاة على الجنائز وكزيارة قبور المؤمنين.

فاستحوذ الشيطان على أتباعه فجعل قصدهم بذلك الشرك بالخالق وإيذاء المخلوق، فإنهم إذا كانوا إنما يقصدون بزيارة قبور الأنبياء والصالحين سؤالهم أو السؤال عندهم أو بهم، لا يقصدون السلام عليهم ولا الدعاء لهم كما يقصد بالصلاة على الجنائز كانوا بذلك مشركين، وكانوا مؤذين ظالمين لمن يسألونه، وكانوا ظالمين لأنفسهم. فجمعوا بين أنواع الظلم الثلاثة (٢).

وقال أيضًا واصفًا حال من افتتن بالقبور والمشاهد: وأقل ما صار شعارًا لهم تعطيل المساجد، وتعظيم المشاهد، فإنهم يأتون من تعظيم المشاهد، وحجها والإشراك بها ما لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا أحد من


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٦٦).
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (١/ ٧٦).

<<  <   >  >>