للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما جاء في الأثر عن أبي ذرّ قال: إِذَا زَوَّقْتُمْ (١) مَسَاجِدَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ، فَالدَّبَارُ (٢) عَلَيْكُمْ (٣)؛ لأن زخرفة المساجد وتزيينها وتحلية المصاحف تُشغل القلوب وتُلهي عن الخشوع والحضور مع الله تعالى الذي هو روح العبادة (٤).

وغيرها من الآثار كثير والتي تدل في مجملها على كراهة السلف الصالح للزخرفة؛ لكونها مشابهة للمشركين من اليهود والنصارى ونحوهم، وقد جاء الأمر بمخالفتهم، والنهي عن مشابهتهم.

وكذلك فيها مخالفة للغرض الأساسي الذي من أجله بنيت المساجد، وهي عبادة الله تعالى، ولما فيها كذلك من الإسراف (٥).

فيتبين من ذلك أن زخرفة المساجد مكروهة كراهة شديدة (٦) قد تصل إلى التحريم، وأما عن تزويقها بالذهب أو الفضة حتى ولو كانت الكعبة: فحرام مطلقًا، وبغيرهما مكروه (٧).

ومما يستأنس بذكره ما جاء عن أبان بن عثمان لما سأله الخليفة عن المسجد النبوي بعدما فرغ من بنائه بالحجارة المنقوشة، وعمله بالفسيفساء والمرمر، وعمل سقفه بالسَّاج وماء الذهب، واعتنى بتحسينه وتزينه.


(١) زَوَّقْتُمْ: الزاووق هو الزئبق؛ لأنه يطلى به مع الذهب ثم يدخل النار، فيذهب الزئبق ويبقى الذهب، ويقال لكل مزيّن ومنقّش ومحسّن: مزوّق وإن لم يكن فيه الزئبق. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٣١٩)، لسان العرب (١٠/ ١٥٠).
(٢) فالدبار عليكم: الهلاك عليكم. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٩٨).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصلاة، في زينة المساجد وما جاء فيها (٣/ ٨٥/ ح ٣١٦٦)، وكذلك في كتاب فضائل القرآن، في المصحف يحلى (١٥/ ٥٤٤/ ح ٣٠٨٦٤)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ٣٣٦/ ح ١٣٥١).
(٤) يُنظر: فيض القدير، للمناوي (١/ ٣٦٦)، سبل السلام، للصنعاني (١/ ٢٣٦).
(٥) يُنظر: نيل الأوطار، للشوكاني (٢/ ١٧٥)، أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية، لإبراهيم الخضيري (٢/ ٤٤).
(٦) يُنظر: المجموع شرح المهذب، للنووي (٢/ ١٨٠)، أحكام المساجد، لإبراهيم الخضيري (٢/ ٤٤).
(٧) يُنظر: فيض القدير، للمناوي (١/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>