للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جملة ما قاله الأئمة الأعلام حول تحريم إحياء آثار المواسم الزمانية المحدثة، والذي يؤكد ما تقدم من أوجه منعه وتقرير تحريمه ما يلي:

قال الحافظ أبو شامة (ت: ٦٦٥ هـ):

ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها الشرع؛ بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل، إلا ما فضله الشرع، وخصه بنوع من العبادة، فإن كان ذلك؛ اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها، كصوم يوم عرفة وعاشوراء، والصلاة في جوف الليل، والعمرة في رمضان.

ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلاً فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ أي: العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر.

فالحاصل: أن المكلف ليس له منصب التخصيص؛ بل ذلك إلى الشارع، وهذه كانت صفة عبادة رسول الله (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ):

فمن البدع في العبادات: إحداث أعياد واحتفالات لم يشرعها الله ولا رسوله ، إنما فعلتها الأمم الأخرى كاليهود والنصارى، أو فارس والروم، ونحوهم؛ كالاحتفال بيوم عاشوراء، وبالمولد النبوي، وبليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وإحداث صلوات لم يشرعها الله؛ كصلاة الرغائب، وتخصيص ليالٍ وأيام بعينها بعبادة معتادة؛ كأول خميس من رجب، وليلة أول جمعة وليلة النصف منه، وكالرهبنة، والسياحة لغير قصد مشروع أو مباح، والغلو في الدين (٢).


(١) الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة (٥١).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٤٠).

<<  <   >  >>