للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول؛ للاحتفال بذكرى مولد النبي ، وذلك بإحياء سيرته وإلقاء الخطب والقصائد والأشعار فيه، حيث يشتمل الاجتماع على بدع وشركيات كالاستغاثة والنداء وطلب المدد، وإنشاد القصائد التي فيها غلو في وصفه وتجاوز في إطرائه.

وكذلك يتخلله أمورٌ من المحرمات كالاختلاط والمعازف والرقص وإضاعة الأموال الطائلة فيما يُغضب الله .

ومما لا شك فيه أن ذكرى رسول الله تتجدد مع المسلم كل حين، ولا تحتاج إلى إحياء؛ لأنها هي في أصلها حيّة وحاضرة ومرتبطة بالمسلم في كل تفاصيل حياته، وفي جميع أحواله، وأوقاته، ولم يمت ذكره حتى يُلجأ إلى إحيائه.

والمتأمل لأصل إحياء ذكرى مولد الرسول نجد أنه تقليد للنصارى في إحيائهم ذكرى مولد عيسى ، والرسول حذرنا من التشبه بأهل الكتاب، قائلاً : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ» (١).

فلما تسللت إلينا الفكرة من الخارج، وكان التنفيذ من الداخل، والتقليد هو الدافع، تشبهًا بالمجتمع النصراني الذي أصابه التخلّف الأخلاقي، والتمزق والتفرق، مما اضطرهم إلى إحياء كثير من الأعياد في مجتمعاتهم؛ حتى يبقى شيءٌ من قيمهم ومبادئهم التي انحدرت في الهاوية، وانسلخت عنها الفضيلة، أتى من المغترين بهم من ينفذ كل ما يرى عندهم بدون أن يعرض على الشرع هذا الأمر المُحدث.

ولا شك أن تعظيم النبي واحترامه ومحبته تكون بالإيمان بكل ما


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل (٤/ ١٦٩/ ح ٣٤٥٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى (٨/ ٥٧/ ح ٢٦٦٩).

<<  <   >  >>