الَّذِي ذكره بعيد وَهُوَ مُنْقَطع عَن الأول وَظَاهر أَنه يتعجب من تحمّل العذارى رَحْله. وَلَيْسَ فِي هَذَا تعجّب كَبِير وَلَا فِي نحر النَّاقة لَهُنَّ تعجب. وَإِن كَانَ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُنَّ حملن رَحْله وَأَن بَعضهنَّ حَملته فَعبر عَن نَفسه برحله فَهَذَا قَلِيلا يشبه أَن يكون عجبا. لَكِن الْكَلَام لَا يدلّ عَلَيْهِ. وَلَو سلم الْبَيْت من الْعَيْب لم يكن فِيهِ شَيْء غَرِيب وَلَا معنى بديع أَكثر من سفاهته مَعَ قلَّة مَعْنَاهُ وتقارب أمره ومشاكلته طبع الْمُتَأَخِّرين.
وَمن أول القصيدة لم يمرّ لَهُ بَيت رائع وَكَلَام رائق.
وَقَوله: فظل العذارى الخ يرتمين: يناول بَعضهنَّ بَعْضًا. والهدّاب بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد هُوَ الهدب وَهُوَ طرف الثَّوْب الَّذِي لم يتم نسجه. والمقس: الْحَرِير الْأَبْيَض وَيُقَال لَهُ القز.
قَالَ الإِمَام الباقلاني: هَذَا الْبَيْت يعدونه حسنا ويعدون التَّشْبِيه مليحاً وَاقعا. وَفِيه شَيْء: وَذَلِكَ انه عرّف اللَّحْم ونكّر الشَّحْم فَلَا يعلم أَنه وصف شحمها وَذكر تَشْبِيه أَحدهمَا بِشَيْء وَاقع وَعجز عَن تَشْبِيه الْقِسْمَة الأولى فمرّت مُرْسلَة وَهَذَا نقص فِي الصَّنْعَة وَعجز عَن إِعْطَاء الْكَلَام حَقه. وَفِيه شَيْء آخر من جِهَة الْمَعْنى: وَهُوَ أَنه وصف طَعَامه لضيوفه بالجودة وَهَذَا قد يعاب وَقد يُقَال: إِن الْعَرَب تفتخر بذلك وَلَا ترَاهُ عَيْبا وَإِنَّمَا الْفرس هم الَّذين يرَوْنَ هَذَا عَيْبا شنيعاً. وَأما تَشْبِيه الشَّحْم بالدمقس فشيء يَقع للعامة وَيجْرِي على ألسنتهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute