للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«الوجيز»؛ لِأنَّ النَّبيَّ جَعَلَ البيِّنةَ في جَنَبَةِ المدَّعِي بقوله (١): «البيِّنةُ على المدَّعِي» (٢)، فلا يَبقَى في جنبة (٣) المدَّعَى عَلَيهِ بيِّنةٌ، ولِأنَّ بيِّنةَ المدَّعِي أكثرُ فائدةً؛ لِأنَّها تُثْبِتُ شَيئًا لم يكُنْ، فَوَجَبَ تقديمُها؛ كبيِّنة الجَرْحِ على التَّعديل، وبَيِّنة المنكِرِ إنَّما تُثبِتُ (٤) ظاهِرًا دلَّتِ اليَدُ عَلَيهِ، فلم تُفِدْ، ولِأنَّه يَجُوزُ أنْ يكونَ مُسْتَنَدُ بيِّنةِ المنكِرِ رُؤيةَ التَّصرُّف ومُشاهَدةَ اليَد، أشْبهَت اليَدَ المفْرَدةَ.

والثَّانِيَةُ: تُقدَّمُ بيِّنةُ المنكِرِ مُطلَقًا، اخْتارَها أبو محمَّدٍ الجَوزِيُّ، وقاله أكثرُ الفُقهاء، وأبو عُبَيدٍ؛ لِأنَّهما تَعارَضَتَا، ومع صاحِبِ اليدِ (٥) تَرجِيحٌ بها، فَقُدِّمَتْ؛ كالنَّصَّينِ إذا تَعارَضا ومع أحدِهما القِياسُ.

(وَعَنْهُ: إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ المُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ (٦) نُتِجَتْ (٧) فِي مِلْكِهِ، أَوْ قَطِيعَةٌ مِنَ الْإِمَامِ؛ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ (٨)؛ لِحديثِ جابِرٍ: «أنَّ رجُلَينِ اخْتَصَما إلى النَّبيِّ في دابَّةٍ أوْ بَعِيرٍ، وأقامَ كلٌّ منهما البيِّنةَ أنَّها له أنْتَجَها، فَقَضَى بها النَّبيُّ (٩) أنَّها لِلَّذي في يَدِه» (١٠)، ولِأنَّها إذا شَهِدَتْ بالسَّبَب؛ أفادت ما لا


(١) قوله: (البينة في جنبة المدعي بقوله) سقط من (م).
(٢) تقدم تخريجه ٥/ ١٨٨ حاشية (٤).
(٣) في (م): جنب.
(٤) في (م): ثبتت، وفي (ن): ثبت.
(٥) قوله: (اليد) سقط من (م).
(٦) قوله: (له) سقط من (ن).
(٧) في (م): أنتجت.
(٨) في (ن): بينة.
(٩) قوله: (في دابة أو بعير وأقام … ) إلى هنا سقط من (م).
(١٠) أخرجه الشافعي في مسنده - ترتيب سنجر (١٦٩٤)، والبيهقي في الكبرى (٢١٢٢٣)، من حديث جابر ، وفيه إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهما متروكان. وأخرجه الدارقطني (٤٤٧٧)، من طريق آخر، وفيه زيد بن نعيم، وهو مجهول لا يعرف. والحديث ضعفه أحمد وابن القطان والذهبي وابن الملقن وابن حجر وغيرهم. ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٨٤، بيان الوهم ٣/ ٥٥٠، البدر المنير ٩/ ٦٩٤، التلخيص الحبير ٤/ ٣٨٥.