للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: يرخِّص (١) أكثرُ العُلَماء فِيمَا يُكرَهُ عَلَيهِ من المحرَّمات لِحَقِّ الله تعالَى؛ كأكْلِ الميْتَةِ، وشُرْبِ الخمر، وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ أحمدَ (٢).

(قَلِيلاً كَانَ) ما شَرِبَه (أَوْ كَثِيرًا؛ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ)؛ لِمَا رَوَى أبو هُرَيرَةَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والنَّسائيُّ (٣)، وقد ثَبَتَ أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ وعَلِيًّا جَلَدُوا شارِبَها (٤)، ولأِنَّ القليلَ خمرٌ، فيَدخُلُ في العُموم، ولأنَّه (٥) شَرابٌ فيه شِدَّةٌ مُطْرِبةٌ (٦)، فَوَجَبَ الحَدُّ به كالكثير.


(١) في (ظ): رخص.
(٢) ينظر: الفروع ١٠/ ٩٧.
(٣) أخرجه أحمد (٧٧٦٢، ١٠٥٤٧)، وأبو داود (٤٤٨٤)، والنسائي (٥٦٦٢)، وابن ماجه (٢٥٧٢)، وابن الجارود (٨٣١)، والحاكم (٨١١٥)، من طرق عن أبي هريرة مرفوعًا، ولفظ أبي داود والنسائي: «إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه»، وإسناده صحيح، صححه ابن الجارود والحاكم وقال الدارقطني: (حديث محفوظ)، وقد رود من حديث جماعة من الصحابة . ينظر: العلل ٩/ ٣٠٧، نصب الراية ٣/ ٣٤٦.
(٤) أثر أبي بكر : أخرجه البخاري (٦٧٧٣)، ومسلم (١٧٠٦)، عن أنس : «أن النبي ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين»، وعند مسلم: فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: «أخف الحدود ثمانين»، فأمر به عمر.
وأثر عمر له طريق أخرى: أخرجه البخاري (٦٧٧٩)، عن السائب بن يزيد، قال: «كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله وإمرة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين»، وعند البيهقي في الكبرى (١٧٤٩٧)، عن السائب بن يزيد، يقول: سمعت عمر يقول: «ذكر لي أن عبيد الله بن عمر وأصحابًا له شربوا شرابًا، وأنا سائل عنه، فإن كان يسكر حددتهم … فرأيته يحدهم».
وسيأتي أثر عليٍّ قريبًا.
(٥) في (م) و (ن): ولا.
(٦) في (م): مضطربة.