للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسَأَلَه حَرْبٌ: رَجُلٌ افْترَى على رَجُلٍ، فقال: يا ابْنَ كذا وكذا إلى آدَمَ وحَوَّاءَ!، فعَظَّمَه جِدًّا، وقال عن الحَدِّ: لم يَبلُغْنِي فيه شَيءٌ، وذَهَبَ إلى حَدٍّ واحِدٍ (١).

(وَإِنْ قَذَفَ الْجَمَاعَةَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ)، يُتصَوَّرُ منهم الزِّنى؛ (فَحَدٌّ وَاحِدٌ إِذَا طَالَبُوا أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ)، ثُمَّ لا حَدَّ، نَقَلَه الجماعةُ (٢)، وهو المشهورُ؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ … (٤)﴾ الآيةَ [النُّور: ٤]، لم يُفرِّقْ بَينَ قَذْفِ واحِدٍ أوْ جَماعةٍ، ولأنَّ (٣) الحدَّ إنَّما وَجَبَ بإدْخالِ المعرَّةِ على المقْذُوفِ بقَذْفِه، وبحدٍّ (٤) واحِدٍ يَظهَرُ كَذِبُ هذا القاذِفِ، وتَزُولُ المعرَّةُ، فَوَجَبَ أنْ يُكتَفَى (٥) به، بخِلافِ ما إذا قَذَفَ كلَّ واحِدٍ قَذْفًا مُفْرَدًا، فإنَّ كَذِبَه في قَذْفٍ لا يلزم (٦) منه كَذِبُه في الآخَر، ولا تَزُولُ المعرَّةُ.

فإنْ طَلَبوهُ، أوْ واحِدٌ مِنهُمْ؛ أُقِيمَ الحَدُّ؛ لأِنَّ الحقَّ ثابِتٌ لهم على سبيلِ البَدَل، فأيُّهم طَلَبَ واسْتَوْفَى؛ سَقَطَ، ولم يكُنْ لغَيرِه الطَّلَبُ به؛ كحقِّ المرأة على أوليائها (٧) في تَزْويجِها، وإنْ أسقطه (٨) أحدُهم؛ فلِغَيرِه المُطالَبةُ به.


(١) ينظر: المغني ٩/ ٩١.
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور ٧/ ٣٥٢٨، مسائل أبي داود ص ٣٠٦، زاد المسافر ٤/ ٣٧١.
(٣) في (ن): لأن.
(٤) في (م) و (ن): ويحد.
(٥) في (م): يكفى.
(٦) في (م): قذفه لم يلزمه.
(٧) في (م): أولياء.
(٨) في (م): أسقطها.