للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ)، الْأَحْسَنُ تَنوينُ غُرَّةٍ، وعبدٌ بَدَلٌ منه، وتَجُوزُ الإضافةُ على تأويلِ إضافةِ الجنس إلى النَّوع، وسُمِّيَا بذلك؛ لأِنَّهما من أنْفَسِ الأموال، والأصلُ في الغُرَّة: الخِيارُ، وأصْلُها: البياضُ في وَجْه الفَرَس.

وقال أبو عمرو (١) بن العَلَاء: الغُرَّةُ: عبدٌ أبْيَضُ، أوْ أَمَةٌ بَيضاءُ (٢)، قُلْتُ: ولَيسَ البياضُ شرطًا عِنْدَ الفُقهاء.

وإنَّما تَجِبُ إذا سَقَطَ من الضَّربة، ويُعلَمُ ذلك: بأنْ يَسقُطَ عُقَيبَ الضَّربة، أو تبقَى متألِّمةً منها إلى أنْ يَسقُطَ، أوْ يكونَ منها كشُرْبِ دواءٍ، ونحوه، فلو قَتَلَ حامِلاً، ولم يَسقُطْ جنينُها؛ فلا؛ لأِنَّه لا يَثبُتُ حكمُ الولد إلاَّ بخروجه، فلا يَجِبُ الضَّمانُ بالشَّكِّ.

والغُرَّةُ هي: عبدٌ أوْ أَمَةٌ، في قَولِ الأكثرِ، وما رُوِيَ عن عروةَ، ومُجاهِدٍ، وطاوُسٍ: أوْ فَرَسٌ، فجوابُه: أنَّه وَهَمٌ، انفرَد به عيسى بن يونس (٣) عن الرُّواة، وهو متروكٌ في النَّقل (٤).

وجعل ابنُ سِيرِينَ مكانَ الفَرَس: مائةَ شاةٍ؛ لِمَا رَوَى أبو داودَ: «أنَّه


(١) في (ظ): عمر.
(٢) ينظر: تهذيب اللغة ٨/ ١٦، النهاية في غريب الحديث ٣/ ٣٥٣.
(٣) في (ظ): موسى.
(٤) أخرجه أبو داود (٤٥٧٩)، من طريق عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: «قضى رسول الله في الجنين بغرة عبد أو أمة، أو فرس، أو بغل»، وأشار أبو داود إلى تفرد عيسى بن يونس بذكر الفرس والبغل، وقال الخطابي: (يقال: إن عيسى بن يونس قد وهم فيه، وهو يغلط أحيانًا فيما يرويه)، قال ابن حجر: (وأشار البيهقي إلى أن ذكر الفرس في المرفوع وهم، وأن ذلك أدرج من بعض رواته على سبيل التفسير للغرة)، تنبيه: عيسى بن يونس هو ابن أبي إسحاق السبيعي وهو ثقة أحد الأئمة الأعلام، وليس بمتروك في النقل. ينظر: معالم السنن ٤/ ٣٦، شرح النووي على مسلم ١١/ ١٧٦، الفتح ١٢/ ٢٤٩.