للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَيَلِي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ مَوْلِيَّتِهِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الذِّمِّيِّ)؛ لأِنَّه مُساوٍ لها، فَوَلِيُّهُ كالمسلِم، ويُشترَطُ فيه الشُّروطُ المعتَبَرةُ، وعبَّر في «المحرر» و «الفروع»: بالكافِرِ.

(وَهَلْ يَلِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ):

أحدُهما: يَلِيهِ؛ للآية، والمساواة.

والثَّاني: لا يُزوِّجُها إلاَّ الحاكِمُ، قاله القاضي؛ لأِنَّ فيه صَغارًا على المسلم، وعلى هذا: لا يَلِي مالَها، قاله القاضِي.

وفي تعليقِ ابنِ المَنِّيِّ في وِلايةِ الفاسق: لا يَلِيهِ كافِرٌ إلاَّ عَدْلٌ في دينه، ولو سلَّمْنا، فلِئَلاَّ يُؤدِّي إلى القَدْح في نَسَبِ نَبِيٍّ أوْ ولِيٍّ، ويَدُلُّ عليه وِلايةُ المال.

(وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِلْأَقْرَبِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ؛ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ)، نَصَّ عليه في مَواضِعَ، وهو الأصحُّ؛ لقَوله : «أيُّما امرْأةٍ» الخبرَ (١)، ولأِنَّه نكاحٌ لم تَثبُتْ أحكامُه من الطَّلاق والخُلْع والتَّوارث، فلم يَنعَقِدْ؛ كنكاحِ المعْتَدَّة.

(وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ)؛ لِمَا رَوَى ابنُ عبَّاسٍ: «أنَّ جارِيةً بِكْرًا أتَت النَّبيَّ ، فَذَكَرَتْ أنَّ أباها زَوَّجَها وهي كارِهةٌ، فخَيَّرَها النَّبيُّ » رواهُ أحمدُ وأبو داودَ، قال: وهو حديثٌ مُرسَلٌ، رواهُ النَّاسُ عن عِكْرَمَةَ، عن النَّبيِّ ، لم يَذكُرُوا ابنَ عبَّاسٍ (٢).


(١) هو كما في الشرح الكبير ٢٠/ ١٩٩: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها، فنكاحها باطل»، وتقدم تخريجه ٧/ ٤٣٧ حاشية (٣).
(٢) رواه أيوب السّختياني عن عكرمة، واختلف عليه وصلاً وإرسالاً: فأخرجه أحمد (٢٤٦٩)، وأبو داود (٢٠٩٦)، والنسائي في الكبرى (٥٣٦٦)، وابن ماجه (١٨٧٥)، والدارقطني (٣٥٦٦)، عن جرير بن حازم، وأخرجه النسائي في الكبرى (٥٣٦٨)، وابن ماجه (١٨٧٥)، والدارقطني (٣٥٦٨)، عن زيد بن حبان، كلاهما عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس . وسنده صحيح. وأخرجه الدارقطني (٣٥٦٩)، من طريق الثوري، عن أيوب، عن عكرمة عن ابن عباس، وذكر الدارقطني أن الصّحيح عن الثوري الإرسال. وخالفهم حماد بن زيد، أخرجه أبو داود (٢٠٩٧)، من طريق حماد، عن أيوب، عن عكرمة، مرسلاً. واختلف الأئمة، فرجّح الإرسالَ: أبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني وابن عبد البر والبيهقي والألباني. وصحّح الوصلَ: ابن القطّان وابن القيم وابن حجر. والحديث رُوي من حديث جابر وابن عمر مثل ذلك، وليس محفوظًا كما قاله ابن عبد البرّ وغيره. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٤/ ٦٠، بيان الوهم ٢/ ٢٥٠، الاستذكار ٤/ ٤٠٤، التمهيد ١٩/ ١٠٠، نصب الراية ٣/ ١٩٠، حاشية تهذيب السنن ٦/ ٨٥، صحيح سنن أبي داود ٦/ ٣٣٠.