للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا المطلَّقة قَبْلَ الدُّخول فرِوايَتانِ، أطْلَقَهما في «الفروع»، وقدَّمَ في «المحرَّر»: عَدَمَ الإرْثِ.

وذَكَرَ أبو بَكْرٍ - إذا طَلَّقَها ثلاثًا قَبْلَ الدُّخولِ في مَرَضِه - أرْبَعَ رِواياتٍ:

إحْداهُنَّ: لها الصَّداقُ كامِلاً والمِيراثُ، وعَلَيها العِدَّةُ؛ لأِنَّ المِيراثَ ثَبَتَ للمَدْخُول بها؛ لِفِراره، وهذا فارٌّ، وإذا ثَبَتَ المِيراثُ؛ وَجَبَ تكميلُ الصَّداق.

قال المؤلِّف: (ويَنْبَغِي أنْ تكونَ العِدَّةُ عِدَّةَ وَفاةٍ)، وقِيلَ: طَلاقٍ.

والثَّانيةُ: لها المِيراثُ والصَّداقُ، ولا عِدَّةَ عَلَيها؛ لأِنَّ العِدَّةَ حقٌّ عَلَيها، فلا تَجِبُ بفِراره.

والثَّالِثَةُ: لها المِيراثُ ونصفُ الصَّداق، وعَلَيها العِدَّةُ، وهِيَ قَولُ مالِكٍ (١)؛ لقَولِه تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ … (٢٣٧)﴾ الآية [البَقَرَة: ٢٣٧].

والرَّابِعةُ: لا تَرِثُ ولا عِدَّةَ عَلَيها، ولها نصفُ الصَّداق، وهي قَولُ أكثرِ العلماء؛ لأِنَّ الله تعالى نَصَّ على تَنْصِيفِ الصَّداق، ونَفَى العِدَّةَ عن المطلَّقة قَبْلَ الدُّخول، وأمَّا المِيراثُ فَلَيسَتْ زَوجةً ولا مُعْتدَّةً من نِكاحٍ، أشْبَهَت المطلَّقةَ في الصِّحَّة.

فإنْ خَلَا بها، وأنْكَرَ الوَطْءَ، وصدَّقَتْه؛ فلها المِيراثُ، وعَلَيها العِدَّةُ للوفاة، ويُكمَّلُ لها الصَّداقُ؛ لأِنَّ الخَلْوةَ تَكْفِي في ثُبوتِ هذه الأحكامِ.

(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ؛ لَمْ تَرِثْهُ)؛ لأِنَّها فَعَلَتْ باخْتِيارِها ما يُنافِي نكاحَ الأوَّل، أشْبَهَ ما لو فَسَخَت النِّكاحَ، وسَواءٌ كانَتْ باقِيَةً مع الزَّوج الثَّانِي أوْ بانَتْ منه في قَولِ أكثرِ العلماء.

(وَإِنْ أَكْرَهَ الاِبْنُ) وهو عاقِلٌ وارِثٌ (امْرَأَةَ أَبِيهِ)، أوْ جَدِّه المريضِ، (عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا) مِنْ وَطْءٍ أوْ غَيرِه؛ (لَمْ يَقْطَعْ مِيرَاثَهَا)؛ لأِنَّه قَصَدَ حِرْمانَها،


(١) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة ٢/ ٥٨٤.