للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَرِثَتْهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ)، روايةً واحدةً؛ لوجود المقْتَضِي، (وَلَمْ يَرِثْهَا)؛ لأِنَّ مُقتَضَى البَيْنونَة قَطْعُ التَّوارُثِ، خُولِفَ في الزَّوجة لِمَا ذَكَرْنا، فيَبْقَى ما عَداهُ على مُقْتَضَى الأصلِ.

(وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، أَوْ تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

الأَشْهَرُ: أنَّها تَرِثُه في العِدَّة وبَعْدَها ما لم تَتَزَوَّجْ، نَقَلَه (١) واخْتارَه الأكثرُ، وذَكَرَ أبو بَكْرٍ: أنَّ قَولَ أحمدَ لا يَختَلِفُ في ذلك، وهو قَولُ الحَسَنِ وجَمْعٍ؛ لِمَا رَوَى أبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحمن: «أنَّ أباهُ طلَّقَ أُمَّه وهو مريضٌ، فَوَرَّثَها بَعْدَ انقِضاء العِدَّة» (٢)، ولأِنَّ سبَبَ تَورِيثِها فِرارُه من مِيراثها، وهذا المعْنَى لا يَزُولُ بانْقِضاء العِدَّةِ، وشَرْطُه: ما لم تَرتَدَّ، وَالأَظْهَرُ: أوْ تُسْلِمْ.

والثَّانيةُ: لا تَرِثُ بَعْدَ العِدَّة، اخْتارَهُ في «التَّبصرة»؛ لأِنَّه يُفْضِي إلى تَورِيثِ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعٍ، فلم يَجُزْ، كما لو تزوَّجتْ، فَعَلَى هذا: لو تزوَّجَ أرْبَعًا سِواهَا، ثُمَّ مات؛ صحَّ على الأصحِّ، فَتَرِثُه الخَمْسُ.

وعَنْهُ، وصحَّحَها في «المحرَّر»: أنَّ رُبعَه للمَبْتوتَةِ، وثلاثةَ أرْباعِه للأرْبَعِ إنْ تزوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ، وإلاَّ فَلِلثَّلاثِ السَّوابِقِ بالعَقْدِ.

وقِيلَ: كلُّه للمَبتوتة، فإنْ تزوَّجَتْ أوْ ماتَتْ؛ فحقُّها للجُدُد في عَقْدٍ، وإلاَّ فللسَّابِقةِ إلى كمالِ أرْبَعٍ بالمتْبوعةِ (٣).


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٤/ ١٦١٤، مسائل صالح ٢/ ٢٣٥، مسائل ابن هانئ ١/ ٢٣٦.
(٢) أخرجه مالك (٢/ ٥٧١)، وعنه الشافعي في الأم (٥/ ٢٧١)، وابن وهب كما في المدونة (٢/ ٨٩)، والدارقطني (٤٠٥١)، والبيهقي في الكبرى (١٥١٢٦)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٤١٩)، عن ابن شهاب، عن طلحة بن عبد الله بن عوف وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: «أن عبد الرحمن بن عوف طلَّق امرأته البتة وهو مريض، فورَّثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها»، قال ابن حجر: (موقوف منقطع السند، والذي قبله موصول وهو يشدُّه)، يريد به ما تقدم تخريجه من قصة تماضر الكلبية. ينظر ٧/ ١٩٥ حاشية (٢).
(٣) كذا في النسخ الخطية، وفي الفروع ٨/ ٥٩ والإنصاف ١٨/ ٣٢٠: بالمبتوتة.