للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عليٌّ، وعبدُ الله بنُ الزُّبَيرِ، وعبدُ الرَّحمن بنُ عَوفٍ (١): لا تَرِثُ مَبْتوتَةٌ؛ لأِنَّها بائِنٌ، فلا تَرِثُ؛ كالبائِنِ في الصِّحَّة، وكما لو كان الطَّلاقُ باخْتِيارِها.

وجوابُه: بأنَّ عُثْمانَ ورَّث تُماضِرَ بنتَ الأَصْبَغ الكَلْبِيَّةَ من عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ، وكان طلَّقها في مَرَضِه فبتَّها، واشْتَهَرَ ذلك في الصَّحابة ولم يُنكَرْ، فكان إجْماعًا، ولم يَثْبُتْ عن عليٍّ وعبدِ الرَّحمنِ خلافُ هذا، بل رَوَى عُرْوةُ: أنَّ عُثْمانَ قال لعبد الرَّحمنِ: «إنْ متَّ لَأُوَرِّثَنَّها منكَ»، قال: «قد عَلِمْتُ ذلك» (٢).


(١) أما قول ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف؛ فمذكور في قصة تماضر المتقدم تخريجها.
وقول علي : علَّقه ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٩٤)، من طريق قتادة، أن علي بن أبي طالب قال: «لا ترث المبتوتة»، ولم نقف عليه مسندًا، وقتادة عن علي مرسل.
وروي عن علي خلافه: أخرجه ابن أبي شيبة (١٩٠٤٢)، وابن حزم في المحلى (٩/ ٤٩٣)، عن الشعبي: أن أم البنين كانت تحت عثمان بن عفان، فلما حُصر طلَّقها، فلما قتل أتت عليًّا، فذكرت ذلك له، فقال: «تركها حتى إذا أشرف على الموت طلقها»، فورَّثها. وهذا مرسل ورجاله ثقات، وروى ابن وهب كما في المدونة (٢/ ٨٩)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٩٠)، أخبرني رجال من أهل العلم، أن عليًّا قال: «المطلقة في المرض ترث»، منقطع وفيه إبهام.
واختلف الفقهاء في قول عليٍّ في المسألة، فمنهم من جعله ممن لا يُورِّثها؛ كالماوردي في الحاوي ٨/ ١٤٩، وابن قدامة في المغني ٦/ ٣٩٥ وتبعه المصنف، ومنهم من جعله ممن يُورِّثها؛ كالبغوي في شرح السنة ٨/ ٣٧٤، والعمراني في البيان ٩/ ٢٥.
(٢) علقه ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٨٦)، من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وهو مرسل جيد. وروى سعيد بن منصور (١٩٧٠)، القصة من طريق هشام عن أبيه دون الحرف الذي ذكره المصنف.