للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كطلاقِ المريض؛ لأِنَّه أقرَّ بما يُبطِلُ حقَّ غَيرِه، فلم يُقْبَلْ؛ كما لو أقرَّ بما لها.

(أَوْ طَلَّقَ) المسلِمُ في المرض طلاقًا بائنًا، (مَنْ لَا يَرِثُ؛ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ؛ فَعَتَقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ)، ثُمَّ ماتَ عَقِبَها؛ (فَهُوَ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ)؛ أيْ: لم يَرِثاهُ؛ لأِنَّه لَيسَ بِفَارٍّ.

والثَّانيةُ: بَلَى؛ لأِنَّه طلاقٌ في مَرَضِ الموت، فَوَرِثاهُ كغَيرِهِما، وهذه الرِّوايةُ لم يَذكُرْها في «المغْنِي» و «الكافي»، فلو قال لهما: أنْتُما طالِقَتَان غَدًا، فَعَتَقَت الأمَةُ، وأسْلَمَت الذِّمِّيةُ؛ لم يَرِثاهُ؛ لأِنَّه لَيسَ بِفارٍّ.

(فَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ، مِثْلَ أَنْ طَلَّقَهَا) ثلاثًا - وفي «المحرَّر»: أبانَها، وهو أوْلَى - في مَرَضِه المخُوفِ (ابْتِدَاءً)؛ وَرِثَتْه إذا مات، في قَولِ عُمَرَ (١)، وعُثْمانَ (٢)، وشُرَيحٍ، وعُرْوةَ، وغَيرِهم.


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٢٢٠١)، وسعيد بن منصور (١٩٦٠)، والبيهقي في الكبرى (١٥١٣١)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٤١٦)، عن مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب قال: «إذا طلقها مريضًا؛ ورثته ما كانت في العدة، ولا يرثها»، وأخرجه ابن أبي شيبة (١٩٠٣٨)، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن شريح به. وهذا مرسل، وقد أعله جماعة، قال البيهقي: (منقطع، ولم يسمعه مغيرة من إبراهيم، إنما قال: ذكر عبيدة عن إبراهيم عن عمر، وعبيدة الضبي ضعيف)، بل قال الإمام أحمد: (ترك الناس حديثه)، وأخرج البيهقي في المعرفة (١٤٨٥١)، بإسناده عن علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة يروي حديث مغيرة، عن عبيدة، عن إبراهيم، عن عمر، في الذي يطلق وهو مريض. قال يحيى: وكان هشيم يقول في هذا الحديث: ذكر عبيدة، عن إبراهيم، عن عمر. قال يحيى: فسألت عبيدة عنه، فحدثنا عن إبراهيم والشعبي، أن ابن هبيرة كتب إلى شريح في الذي يطلق وهو مريض، وليس عن عمر. ونقل البخاري في التاريخ الكبير ٦/ ١٢٨ نحو ذلك عن يحيى بن سعيد، قال الحافظ في موافقة الخبر: (ابن هبيرة اسمه عمر، فلعل الراوي ظنه عمر بن الخطاب توهُّمًا).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٢١٩٢)، وابن أبي شيبة (١٩٠٣٥)، والشافعي في الأم (٥/ ٢٧١)، والدارقطني (٤٠٤٩)، والبيهقي في الكبرى (١٥١٢٤)، عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة، أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتُّها ثم يموت وهي في عدتها، فقال ابن الزبير: «طلَّق عبد الرحمن بن عوف تُماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتَّها ثم مات وهي في عدتها؛ فورَّثها عثمان»، قال ابن الزبير: «أما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة»، وعلقه البخاري بصيغة الجزم ٧/ ٤٢، وصححه ابن حجر والألباني. ينظر: موافقة الخبر ٢/ ٤١٩، الإرواء ٦/ ١٥٩.