للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثَّانية: له الرُّجوعُ على الآخَر بالمائة؛ لأنَّها وجبتْ له على من أدَّاها عنه، فمَلَكَ الرُّجوعَ بها عليه؛ كالأصيل، ذَكَرَه في «المغني» و «الشَّرح».

(وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ)؛ أي: إذا ادَّعى الضَّامن أنَّه قضى الدَّينَ، وأنكر المضمونُ له، ولا بيِّنةَ، (وَحَلَفَ؛ لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى المَضْمُونِ عَنْهُ (١)؛ لأِنَّه ما أذِنَ للضَّامِن إلاَّ في قَضاءٍ مُبَرِّئٍ، ولم يُوجَدْ، وحينئِذٍ القولُ قولُ المضمون له؛ لأنَّه مُنكِرٌ، وله مطالَبةُ الضَّامِن والأصيلِ، (سَوَاءٌ صَدَّقَهُ) المضمونُ عنه (أَوْ كَذَّبَهُ)؛ لأِنَّ المانِعَ من الرُّجوع تفريطُ الضَّامِن من حَيثُ إنَّه قضى بغَير بيِّنةٍ، وذلك مشترَكٌ بين التَّصديق والتَّكذيب.

ثمَّ اعْلَمْ: إنْ كان القضاءُ ببيِّنةٍ عادلةٍ حاضرةٍ؛ فواضِحٌ، وكذا إن كانت ميتةً، أو غائبةً وصدَّقه؛ لأِنَّه مُعترِفٌ أنَّه ما قضى، ولا فرَّط.

وإن كانت مردودةً بأمرٍ ظاهرٍ؛ كالكُفْر والفسق الظَّاهر؛ لم يرجع الضَّامِنُ مطلَقًا؛ لتفريطه.

وإن رُدَّت بأمْرٍ خفِيٍّ؛ كالفسق الباطن، أو لكون (٢) الشَّهادة مختلَفًا فيها؛ كشهادة العبيد؛ فاحتمالان، وكذا شاهدٌ واحدٌ ودعواه موتُهم، وأنكر الإشهاد.

وإن قضاه بغير بيِّنةٍ بحضرة المضمون عنه؛ فالأصحُّ: أنَّه يرجع؛ لأنَّه هو المفرِّط.

والثَّاني: لا، كغَيْبته.

فرعٌ: إذا رجع المضمون له على الضَّامن، فاستوفى منه مرَّةً ثانيةً؛ رجع على المضمون عنه بما قضاه ثانيًا؛ لبراءة ذمَّته به ظاهرًا، قاله القاضي ورجَّحه


(١) قوله: (عنه) سقط من (ظ) و (ق).
(٢) في (ح): بكون.