للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الضَّامِنِ)، نحو أن يضمن الضَّامنَ ضامِنٌ آخَرَ؛ لأنَّه دَينٌ لازِمٌ في ذمَّته، فصحَّ ضمانه كسائر الدُّيون، فعلى هذا: يثبت الحقُّ في ذمَّة الثَّلاثة، أيُّهم قضاه برئت ذِمَمُهم كلُّها؛ لأنَّه حقٌّ واحدٌ، فإذا سقط لم يجب مرَّةً أخرى، فيبرأ الثَّاني بإبراء الأوَّل، ولا عكس، وإن قضى الدَّينَ الضَّامنُ الأول؛ رجع على المضمون عنه، وإن قضاه الثَّاني؛ رجع على الأوَّل، ثمَّ رجع (١) الأوَّل على المضمون عنه إذا كان واحدٌ أذِنَ، وإلاَّ ففي الرُّجوع له روايتان.

فلو ضمن المضمونُ عنه الضامنَ؛ لم يصح؛ لأنَّ الضمان يَقتضي التزامَه الحقَّ في ذمته، والحقُّ لازِمٌ له، فلا يُتصوَّر الْتِزامُه (٢) ثانيًا، ولأنَّه أصلٌ، فلا يصير فرعًا، لكن لو ضمنه في غير الدَّين؛ جاز.

وعُلِم منه: أنَّ كلَّ دَينٍ يصحُّ أخذ رهن به؛ أنَّه يصحُّ ضَمانُه.

(وَ) يصِحُّ ضمان (دَيْنِ الْمَيْتِ الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ (٣)، يصح (٤) الضَّمان عن كلِّ غريمٍ وجب عليه حقٌّ، حيًّا كان أو ميتًا، مليئًا أو مفلسًا، وهو قول أكثر العلماء؛ لأنَّ «أبا قتادة ضمن دَين الميت» (٥)، وقيَّد الميت بالمفلس؛ تنبيهًا على من منع (٦) صحة ذلك.

(وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ)؛ أي: ذمَّة الميت (قَبْلَ الْقَضَاءِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ)، جزم به في «الوجيز» وغيره؛ لقوله : «نَفْسُ المؤمن معلَّقةٌ بدَينه حتَّى


(١) في (ق): يرجع.
(٢) في (ح) و (ظ): إلزامه.
(٣) في (ح): وغير.
(٤) في (ح): فصح.
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٨٩).
(٦) في (ح): يمنع