للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَعَنْهُ): يَحِلُّ له كلُّ شَيءٍ، (إِلاَّ الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ)؛ لأنَّ تحريم المرأة ظاهِرٌ في وطئها، ولأنَّه أغلظُ المحرَّمات، ويُفْسِدُ النُّسُكَ، بخلاف غيرِه.

ونقل الميمونِيُّ (١) في المتمتِّع إذا دخل الحرم: حلَّ له بدخوله كلُّ شَيءٍ إلاَّ النِّساءَ والطِّيبَ قبل أن يَحلِق أو يقصر (٢)، رواه مالكٌ عن (٣) عمر (٤)، ولأنَّه من دواعي الوطْء أشْبَهَ القُبلةَ.

(وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ) في الحجِّ والعمرة في ظاهر المذهب؛ لقوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفَتْح: ٢٧]، فوصفهم وامْتنَّ عليهم بذلك، فدلَّ أنَّه من العبادة، مع قوله: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحَجّ: ٢٩]؛ قيل: المراد به الحلْقُ، وقيل: بقايا أفعال الحجِّ من الرَّمي ونحوه؛ ولأمره بقوله: «فليُقصِّرْ أو ليحلل (٥)» (٦)، ولو


(١) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٢٨٨.
(٢) في (و): يقصر أو يحلق.
(٣) زيد في (و): ابن.
(٤) أخرجه مالك (١/ ٤١٠)، ومن طريقه ابن وهب (١١٦)، والطحاوي في أحكام القرآن (١٥٤٨)، والبيهقي في الكبرى (٩٩٩٨)، عن نافع وعبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة، وعلَّمهم أمر الحج، وقال لهم فيما قال: «إذا جئتم منى، فمن رمى الجمرة، فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، لا يمس أحد نساء ولا طيبًا حتى يطوف بالبيت»، وإسناده صحيح، وليس فيه ذكر الحلق مع رمي الجمار، وأخرجه البيهقي في الكبرى (٩٥٩٠)، من طريق شعيب، أخبرني نافع، بلفظ: «فمن رمى جمرة القصوى التي عند العقبة بسبع حصيات، ثم انصرف فنحر هديًا إن كان له، ثم حلق أو قصر؛ فقد حل له ما حرم عليه من شأن الحج إلا طيبًا أو نساء»، فزاد فيه الحلق أو التقصير، وإسناده صحيح وله شاهد أخرجه ابن خزيمة (٢٩٣٩)، والبيهقي في الكبرى (٩٥٩١)، وفي المعرفة (٩٤٧٨)، من طرق عن سالم، عن ابن عمر قال: سمعت عمر يقول: «إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات، وذبحتم وحلقتم؛ فقد حل لكم كل شيء إلا النساء والطيب»، وإسناده صحيح.
(٥) في (أ): ليحلق.
(٦) أخرجه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧)، من حديث ابن عمر .