للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا بَعْدَ صَيْدٍ؛ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا)، نقله الجماعة (١)، وهو المذهب؛ لأنَّ الآية تدل على أنَّ من قتل صيدًا لزمه (٢) مثله، ومن قتل أكثر لزمه مثل ذلك، ولأنه لو قتل صيودًا معًا؛ تعدَّد الجزاء، فكذا متفرِّقًا، بل أَوْلَى، ولأنَّها كفَّارةُ قتلٍ كقتل الآدمي، أو بدلُ متلف؛ كبدل مال الآدمي.

(وَعَنْهُ: عَلَيْهِ (٣) جَزَاءٌ وَاحِدٌ)؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المَائدة: ٩٥]، ولم يوجب جزاء ثانيًا، ولأنه محظور أشبه غيره، ونقل حنبل: لا يتعدد إن لم يكفر عن الأوَّل، ونقل (٤) أيضًا: إن تعمَّد قتْله ثانيًا فلا جزاء (٥)، وقاله جمع من السَّلف (٦).

والصَّحيح الأول؛ لأن ذكر العقوبة في الثاني لا يمنع الوجوب، كقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البَقَرَة: ٢٧٥]، وللعائد ما سلف، وأمره إلى (٧) الله تعالى، وقياسه على غيره لا يصح؛ لأنَّ جزاء الصيد مُقَدَّرٌ به، ويختلف (٨) بكِبَرِه وصِغَرِه، بخلاف غيره.

(وَإِنْ فَعَلَ مَحْظُورًا مِنْ أَجْنَاسٍ)؛ كحلقٍ ولبسٍ وطيبٍ؛ (فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ


(١) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٢٩٤.
(٢) في (د) و (ز): لزمته.
(٣) قوله: (عليه) سقط من (أ).
(٤) زيد في (و): حنبل.
(٥) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٢٩٤.
(٦) قال في المغني ٣/ ٥٤٩: (روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال شريح والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة)، وأثر ابن عباس : أخرجه عبد الرزاق (٨١٨٤)، وابن أبي شيبة (١٥٧٦٧)، والطبري (٨/ ٧١٨)، وابن أبي حاتم في التفسير (٦٨١٩)، عن عكرمة، عن ابن عباس، فيمن أصاب صيدًا فحُكِم عليه ثم عاد، قال: «لا يحكم، ينتقم الله منه»، إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(٧) قوله: (إلى) سقط من (ز).
(٨) في (و): ومختلف.