للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو علِم مسافِرٌ أنَّه يَقدَم غدًا؛ لزِمَه الصَّوم، كمن نذر صَومَ يومِ يَقدَم فلان (١)، وعلم قدومه في (٢) غدٍ، بخلاف الصَّبيِّ يَعلَم أنَّه يبلُغ في غدٍ؛ لأنَّه غير مكلَّفٍ.

مسألةٌ: إذا برِئَ مريضٌ، أو قدِم مسافِرٌ أو أقام صائمًا؛ لزِمه الإتمامُ وأجْزَأ، كمُقيمٍ صائِمٍ مرِض (٣) ثمَّ لَم يُفطِر حتَّى عُوفِيَ، ولو وطئا فيه كَفَّرَا، نَصَّ عليه (٤)؛ كمُقيمٍ وطِئَ ثمَّ سافَر، ذَكَرَه في «الفروع».

(وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ) وهو الْهِمُّ والهِمة (٥)، (أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ أَفْطَرَ)، أي: له ذلك إجْماعًا (٦)، (وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ (٧) يَوْمٍ مِسْكِينًا)؛ لقَولِ ابنِ عبَّاسٍ فِي قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾ [البَقَرَة: ١٨٤]: «لَيستْ بمنسوخة (٨)، هي للشيخ (٩) الكبير والمرأة الكبيرة لا يَستطيعان الصَّوم، فيُطْعِمَانِ مكان كلِّ يومٍ مِسْكِينًا» رواه البُخاريُّ (١٠)، ومعناه عن ابن أبِي ليلَى عن معاذ، ولم يُدْرِكْه، رواه أحمدُ (١١).


(١) قوله: (فلان) سقط من (ز).
(٢) في (ب) و (د) و (ز) و (و): من.
(٣) في (ب) و (د) و (و): مريض.
(٤) ينظر: الفروع ٤/ ٤٣١.
(٥) في (ب): الهرم والهرمة. والهِم والهمة بالكسر: الشيخ الفاني. ينظر: تاج العروس ٣٤/ ١٢٠.
(٦) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٥٠.
(٧) قوله: (كل) سقط من (و).
(٨) في (ب) و (د) و (ز) و (و): منسوخة.
(٩) في (ب) و (د) و (ز) و (و): الشيخ.
(١٠) أخرجه البخاري (٤٥٠٥).
(١١) أخرجه أحمد (٢٢١٢٤)، وأبو داود (٥٠٧)، والطبري في التفسير (٣/ ١٦١)، والحاكم (٣٠٨٥)، والطبراني في الكبير (٢٧٠)، والبيهقي في الكبرى (١٩٧٦)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: إن رسول الله قدم المدينة، فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله جل وعز فرض شهر رمضان؛ فأنزل الله تعالى ذكره: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام﴾، حتى بلغ: ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ [البقرة: ١٨٣ - ١٨٤]، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم إن الله ﷿ أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم؛ فأنزل الله ﷿: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر﴾. وهذا مرسل، ابن أبي ليلى لم يدرك معاذًا كما قال ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما، وذكر البيهقي الاختلاف في إسناده، وأعله به مع الإرسال.
وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (١٦٤٦)، والبيهقي في الكبرى (١٩٧٥)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا أصحاب محمد . قال البيهقي: (هكذا رواه جماعة)، وعلقه البخاري من طريق ابن نمير هكذا، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحاب محمد . قال الحافظ في الفتح ٤/ ١٨٨: (واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نمير هذه أرجحها).