للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِمَانِعٍ؛ (لَزِمَهُ الصَّوْمُ) وحكمُه؛ للعموم، وكعِلْمِ فاسقٍ بنجاسة ماءٍ، أو دَين علَى موروثه، ولأنَّه يَتَيَقَّنُ أنَّه من رمضان، فلزم (١) صومُه كما تلزم (٢) الأحكامُ التي هي من خصائص الرَّمَضانيَّة، بخلاف غيرِه من الناس.

ونقل حنبلٌ: لا يلزمه (٣) الصَّومُ (٤)، واختاره الشَّيخ تقيُّ الدِّين (٥)، ورُوِيَ عن الحسَنِ وابنِ سِيرينَ؛ لأِنَّه محكومٌ أنَّه من شَعبانَ، أشْبَهَ التَّاسِع والعِشْرين، وكذا قال: لا يَلزَمُه شَيءٌ من أحكامه.

وعلى الأوَّل: هل يُفطِر يوم الثَّلاثينَ من صيام النَّاس؟ فيه وجْهانِ، ويَتَوَجَّه عليهما وقوعُ طلاقه، وحلُّ دَينه المُعَلَّقَينِ به.

(وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ؛ لَمْ يُفْطِرْ)، نَقَلَه الجماعةُ (٦)؛ للخبر السَّابق (٧)، وقاله عمرُ وعائشةُ (٨)، ولاِحْتِمَال خَطَئِه وتُهَمته، فَوَجَب


(١) في (ب) و (د) و (ز) و (و): فلزمه.
(٢) في (د) و (و): يلزم.
(٣) في (أ): لا يلزم.
(٤) ينظر: زاد المسافر ٢/ ٣٢١.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٥/ ١١٥.
(٦) ينظر: مسائل ابن منصور ٣/ ١٢٠٣، مسائل ابن هانئ ١/ ١٢٩.
(٧) وهو حديث: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون»، وقد سبق تخريجه ٣/ ٤٩٠ حاشية (١).
(٨) أثر عمر : أخرجه عبد الرزاق (٧٣٣٨)، والطبري في تهذيب الآثار -مسند ابن عباس- (١١٢٦)، عن أبي قلابة، أن رجلين رأيا الهلال وهما في سفر، فتعجلَا حتى قدما المدينة ضحًى، فأخبرا عمر بن الخطاب بذلك، فقال عمر لأحدهما: «أصائم أنت؟»، قال: نعم، قال: «لم؟» قال: لأني كرهت أن يكون الناس صيامًا وأنا مفطر، فكرهت الخلاف عليهم، فقال للآخر: «فأنت؟»، قال: أصبحت مفطرًا، قال: «لم؟» قال: لأني رأيت الهلال فكرهت أن أصوم، فقال للذي أفطر: «لولا هذا -يعني الذي صام- لردَدْنا شهادتك ولأوجعنا رأسك»، ثم أمر الناس فأفطروا وخرج. أبو قلابة عن عمر مرسل، قرره العلائي في جامع التحصيل ص ٢١١، قال ابن كثير في مسند الفاروق ١/ ٤٠٦: (منقطع).
وأخرج عبد الرزاق (٧٣٤٩)، عن ابن جريج قال: أُخبرت عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي، أن رجلاً جاء عمر بن الخطاب فقال: رأيت هلال شهر رمضان، فقال: «هل رآه معك آخر؟»، قال: لا، قال: «فكيف صنعت؟»، قال: صمت بصيام الناس، فقال عمر: «يا لك فقيهًا»، قال ابن كثير في مسند الفاروق ١/ ٤٠٦: (والغرض من هذا أنه كان يرى أن من انفرد برؤية الهلال فإنه لا يصوم ولا يفطر حتى يراه الناس)، وقال عن الأثر: (فيه انقطاع)، ومعاذ لم يسمع من عمر كما صحح البخاري في تاريخه ٧/ ٣٦٣، وأبو حاتم في الجرح والتعديل ٨/ ٢٤٧، وأحد الطريقين يقوي الآخر.
أثر عائشة : أخرجه عبد الرزاق (٧٣١٠)، عن مسروق، عن عائشة قالت: «إنما النحر إذا نحر الإمام وعُظْم الناس، والفطر إذا أفطر الإمام وعُظْم الناس»، وأخرجه أحمد في مسائل عبد الله كما في رسالة رؤية الهلال لابن رجب ضمن مجموع رسائله (٢/ ٦٠١)، ولفظه: «الأضحى يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطر الناس»، قال ابن رجب: (صحيح عن عائشة ، إسناده في غاية الصحة).
وأخرجه أبو يوسف في الآثار (٨١٨)، والبيهقي في الكبرى (٨٢٠٩)، من طريق أخرى عن مسروق، وإسناده صحيح.