للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما هو إمام في السنة، لم يسلم من خطأ أو زلل، ينبه على خطئه ويحفظ مقامه.

الوجه الثاني: أن تشنيع المالكي على الحنابلة بما جاء عن بعضهم في نقد أبي حنيفة تحامل ظاهر؛ فإن هذا ليس مما اختص به الحنابلة، وإنما جاء نقده من أئمة كبار كحماد بن أبي سليمان، والأوزاعي، وأيوب السختياني، وابن عون، والأعمش، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وشريك بن عبد الله، بل جاء نقده عن صاحبه أبي يوسف (١) فإذا كان في هذا مطعن على أحد فيرد هذا على كل الأئمة المذكورين، فما وجه تخصيص الحنابلة بالطعن دون غيرهم؟!

الوجه الثالث: أن القدح في الحنابلة -كعبد الله بن أحمد وغيره- بنقل ما جاء عن الأئمة في نقد أبي حنيفة تجنٍّ وظلم وبغي؛ إذ ليس هذا مما اختصوا به أيضًا، فقد ذكر ابن أبي شيبة في المصنف (٢) كتابًا في الرد على أبي حنيفة استغرق ما يقارب خمسين صفحة، وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٣)، وكذا ابن عبد البر في الانتقاء (٤) جملة من الآثار عن الأئمة في نقد أبي حنيفة، وغيرهم كثير ممن نقل بعض الآثار في الطعن على أبي حنيفة.

فما هو موقف المالكي من هؤلاء العلماء؟ أيصفهم بالتكفير والغلو أم أن له موقفًا آخر؟!


(١) انظر أقوالهم في: السنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٨٠ - ٢٢٩)، وكتاب الانتقاء لابن عبد البر (ص ١٤٧ - ١٥٢).
(٢) انظر: المصنف (٧/ ٢٧٦ - ٣٢٦).
(٣) انظر: الجرح والتعديل (٨/ ٥١٣).
(٤) انظر: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (ص ٢٧).

<<  <   >  >>