للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن ما قيل فيه من نقدٍ مما لا يتناسب مع أخطائه ومقامه في الفضل فهذا لا يخلو من حالين:

أولهما: أن هذا لا يثبت عن الأئمة، بل هو موضوع عليهم فلا عبرة له.

وأما نقل بعض العلماء له في كتبهم المسندة كعبد الله بن أحمد في السنة، وغيره من المصنفين، فعلى طريقتهم في رواية ما يبلغهم في كل باب بالإسناد والاعتماد على ما يثبت من ذلك.

ثانيهما: أنه ثابت عنهم، لكنهم بنوا أقوالهم هذه على ما بلغهم عن أبي حنيفة مما لا يثبت عنه؛ كذم بعض الأئمة لأبي حنيفة على القول بخلق القرآن، مع أنه غير ثابتٍ عنه.

قال الإمام أحمد: «لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول بخلق القرآن» (١).

وكذلك ما نسب إليه من معارضة الأحاديث الصحيحة بالقياس، فإنه لا يثبت عنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومَن ظن بأبي حنيفة وغيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره؛ فقد أخطأ عليهم وتكلم إما بظن أو بهوى» (٢).

وبهذا يتبين براءة الأئمة مما يظن بهم من سوء في تحذيرهم من أخطاء أبي حنيفة ، وبراءة أبي حنيفة مما جاء في بعض الآثار من وصمه بالكفر، أو الزندقة، أو البدعة،


(١) ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١٣/ ٣٨٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٠٤).

<<  <   >  >>