يوم الجمعة والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على المنبر، فدعاه فأمره أن يصلِّى ركعتين (١) ثمَّ دخل الجمعة الثَّانية ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فدعاه فأمره (٢) ثمَّ دخل الجمعة الثَّالثة فأمره أن يصلِّى ركعتين، ثمَّ قال تصدَّقوا ففعلوا (٣) فأعطاه ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثمَّ قال تصدَّقوا (٤) فألقى أحد ثوبيه فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره ما صنع، ثمَّ قال انظروا إلى هذا فإنَّه دخل فى المسجد فى هيئة بذَّةٍ (٥) فدعوته فرجوت أن تعطوا له فتصَّدَّقوا عليه وتكسوه فلم تفعلوا فقلت تصدَّقوا فتصدَّقوا، فأعطيته ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثمَّ قلت تصدَّقوا فألقى أحد ثوبيه، خذ ثوبك وانتهره
(غريبه) (١) لفظ الترمذى "أن رجلا جاء يوم الجمعة فى هيئة بذة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب الخ" (٢) فيه حجة للقائلين بمشروعية صلاة ركعتين لداخل المسجد وإن كان الأمام على المنبر (٣) يعنى أمره أن يصلى ركعتين كما فى رواية النسائى بلفظ "ثم جاء الجمعة الثانية والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فقال صل ركعتين" (٤) لفظ أبى داود "فأمر النبى صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثيابا فطرحوا فأمر له منها بثوبين" (٥) أى بعد أن أعطى الرجل الثوبين، ففهم الرجل أنه يملك ثوبين فرمى بأحدهما يريد التصدق به، فزجره النبى صلى الله عليه وسلم وكره ما صنع لأنه يعلم أنه فى احتياج اليهما وأمره بأخذ الثوب (تخريجه) (رواه الأربعة. والحاكم وصححه. وصححه أيضا الترمذى) (الأحكام) حديث الباب يدل على ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم من الحكمة والرأفة بالفقير والحرص على مصلحته، فانه لما رأى الرجل فقيرًا ذا هيئة بذة تدل على احتياجه الى الملابس حث الناس على الصدقة بالثياب ففعلوا فأعطاه ثوبين لعلمه باحتياجه اليهما، ثم حثهم بعد ذلك على الصدقة لعلهم يتصدقون بشاء من المال يعطيه إياه، فتصدق الرجل بأحد ثوبيه فزجره النبى صلى الله عليه وسلم لعلمه باحتياجه اليه، فيستفاد منه أنه يكره للشخص أن يتصدق بما هو محتاج اليه، وعلى أنه ينبغى للأمام إذا رأى من يتصدق بما يحتاج اليه أن يرده عليه (وفيه أيضا) الحث على التعاون وإعانة الفقير بقدر ما يمكن، وفيه غير ذلك. والله أعلم