للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[فضل الرجل الذى تصدق بناقة - وذم أصحاب الأموال البخلاء]-

بصدقةٍ أشهد له بها يوم القيامة، قال فحللت من عمامتى لوثًا أو لوثين (١) وأنا أريد أن أتصدَّق بهما فأدركنى ما يدرك بنى آدم (٢) فعقدت على عمامتى، فجاء رجلٌ ولم أر بالبقيع رجلًا أشدَّ سوادًا اصفر منه (٣) ولا آدم يعير بناقةٍ لم أر بالبقيع ناقةً أحسن منها، فقال يا رسول الله أصدقةً؟ (٤) قال نعم، قال دونك هذه النَّاقة، قال فلمزه رجلٌ فقال هذا يتصدَّق بهذه؟ فوالله لهى خيرٌ منه، قال فسمعها رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال كذبت، بل هو خيرٌ منك ومنها ثلاث مرارٍ، ثمَّ قال ويلٌ (٥) لأصحاب المئين من الإبل ثلاثًا، قالوا إلَّا من يا رسول الله؟ قال إلَّا من قال بالمال هكذا (٦) وهكذا وجمع بين كفَّيه عن يمينه وعن شماله، ثمَّ قال قد أفلح المزهد المجهد (٧)


الجريري عن أبى السليل- الحديث" (غريبه) (١) أى لفة أو لفتين يريد التصدق بهما لما حصل له من التأثر من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) أى من الحرص ورآى أن جزءا من عمامته لا يغنى شيئا فعدل عن ذلك وعقد عمامته بعد أن هم بالتصدق بجزء منها (٣) أى اسود منه. والعرب تطلق الأصفر على الأسود أحيانا. ومنه قوله تعالى {كأنه جمالة صفر} أى سود. قال الشاعر:
تلك خيلى منه وتلك ركابي ... هن صفر أولادهن كالزبيب
أى هن سود، وإنما سميت السود من الأبل صفرا لأنه يشوب سوادها شاء من صفرة كما قيل لبيض الظباء آدم، لأن بياضها تعلوه كدرة "وقوله ولا آدم يعير بناقة الخ" أى ولا رأيت رجلا آدم أى أبيض بكدرة "يعير بناقة" أى يتصدق بناقة لم أر بالبقيع ناقة أحسن منها (٤) أى أتريد صدقة "وقوله فلمزه أى عابه" (٥) الويل شدة الهلاك والعذاب وجاء عند الأمام احمد (مذ. حب. ك) عن أبى سعيد مرفوعا ويل واد فى جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا "اى عاما قبل أن يبلغ قعره" قال المناوى معناه أن فيها موضع سوء فيه من جعل له الويل فسماه بذلك مجازا اهـ (٦) أى فرّقه على من عن يمينه وشماله من الفقراء والمساكين والمحتاجين (٧) المزهد القليل الشاء. وقد أزهد إزهادا وشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>