(وأخرج أبو نعيم) في دلائل النبوة بسند ضعيف من طريق الزهري عن أم سماعة بنت أبي رهم عن أمها قالت شهدن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في علتها التي ماتت فيها ومحمد صلى الله عليه وسلم غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت إلى وجهه ثم قالت:
بارك فيك الله من غلام ... يا ابن الذي من حومه الحمام
نجا بعون المالك العلام ... فودي غداة الضرب بالسهام
بمائة من إبل سوام ... إن صح ما أبصرت في المنام
فأنت مبعوث إلى الأنام ... تبعث في الحل وفي الحرام
تبعث بالتحقيق والإسلام ... دين أبيك البر ابراهام
فالله أنهاك عن الأصنام ... ألا تواليها مع الأقوام
ثم قالت كل حي ميت. وكل جديد بال. وكل كبير يفنى. وأنا ميتة وذكري باق، وقد تركت خيرا وولدت ظهرا، ثم ماتت فكنا نسمع نوح الجن عليها فحفظنا من ذلك.
نبكي الفتاة البرة الأمينة ... ذات الجمال العفة الرزينة
زوجة عبدالله والقرينة أم نبي الله ذي السكينة
وصاحب المنر بالمدينة ... صارت لدى حفرتها رهينة
فأنت ترى هذا الكلام منها صريحا في النهي عن موالاة الأصنام مع الأقوام والاعتراف بدين إبراهيم وببعث ولدها إلى الأنام من عند ذي الجلال والإكرام بالإسلام، وهذه الألفاظ منافية للشرك، وقولها تبعث بالتحقيق كذا هو في النسخة، وعندي أنه تصحيح وإنما هو بالتخفيف، وإلى هنا قد انتهى ما قصدت تلخيصه من كتاب (مسالك الحنفا في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم (وأما أبوة صلى الله عليه وسلم) فقد نقل عنه كلمات دلت على توحيده وإيمانه بالشرائع القديمة كقوله حين عرضت امرأة نفسها عليه:
أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فاستبينه
يحمي الكريم عرضه ودينه فكيف بالأمر الذي تبغينه
هذا مع ما كان عليه من كمال العفة فقد افتتن به النساء ولم ينلن منه شيئا (قال الحلواني في المواكب) القول بكفر أبويه صلى الله عليه وسلم زلة عاقل نعوذ بالله من ذلك، فمن تفوه به فقد تعرض للكفر بإيذائه صلى الله عليه وسلم فقد جاء أن عكرمة بن أبي جهل اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يسبون أباه، فقال صلى الله عليه وسلم "لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات" رواه الطبراني؛ ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره تعرض عليه أعمالنا، وإذا روعي عكرمة رضى الله عنه في أبيه بالنهي عما يتأذى به من سبه فسيد الخلق أولى وأوجب، فكيف وقد جاء أن سبيعة وكأنها المعروفة