الجمهور إلى أنها سنة) واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر فى ذلك للندب، قال ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم للذى رآه يتخطى "اجلس فقد آذيت" ولم يأمره بصلاة، كذا استدل به الطحاوى وغيره وفيه نظر اهـ (ومن جملة أدلة الجمهور على عدم الوجوب) ما أخرجه ابن أبى شيبة عن زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ومن أدلتهم أيضا حديث ضمام بن ثعلبة عند (ق. لك. د. نس) والأمام أحمد أيضا (وتقدم فى كتاب الأيمان) لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما فرض الله عليه من الصلاة؟ فقال الصلوات الخمس، فقال هل علىّ غيرها؟ قال لا الا أن تطوع (وقال النووى عند ذكر مسلم حديث أبى قتادة) فيه استحباب تحية المسجد بركعتين (وهى سنة باجماع المسلمين) وحكة القاضى عياض عن داود وأصحابه وجوبهما، وفيه التصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة وهى كراهة تنزيه، وفيه استحباب التحية فى أى وقت دخل وهو مذهبنا، وبه قال جماعة وكرها أبو حنيفة والأوزاعى والليث فى وقت النهى (قلت) والمالكية والحنابلة أيضا، بل قال الحنابلة لا تنعقد ويأثم فاعلها فى وقت النهى، قال وأجاب أصحابنا أن النهى إنما هو عما لا سبب له، لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر، فحص وقت النهى وصلى به ذات السبب، ولم يترك التحية فى حال من الأحوال، بل أمر الذى دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع أن الصلاة فى حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تترك فى حال من الأحوال لتركت الآن لأنه قعد وهى مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلى التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية فى جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام، ولا يشترط أن ينوى التحية، بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة راتبة أو غيرهما، ولو نوى بصلاته التحية والمكتوبة انعقدت صلاته وحصلتا له، ولو صلى على جنازة أو سجد شكرًا أو للتلاوة أو صلى ركعة بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا، وقال بعض أصحابنا تحصل وهو خلاف ظاهر الحديث، ودليله أن المراد إكرام المسجد ويحصل بذلك والصواب أنه لا يحصل بعده ركعتى الطواف اهـ (قال الشوكانى) والتحقيق أنه قد تعارض فى المقام عمومات النهى عن الصلاة فى أوقات مخصوصة من غير تفصيل، والأمر للداخل بصلاة التحية من غير تفصيل، فتخصيص أحد العمومين بالآخر تحكم، وكذلك ترجيح أحدهما على الآخر مع كون كل واحد منهما فى الصحيحين بطرق متعددة، ومع اشتمال كل واحد منهما على النهى أو النفى الذى فى معناه، ولكنه اذا ورد ما يقضى بتخصيص أحد العمومين عمل عليه، وصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر