للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاسم علة للحكم، والحكمة إذا كانت منصوصة كانت علة ولو لم تكن منضبطة، تضبط بالقرائن الظاهرة كحال العمد والخطأ في القتل، فإن ما اعتبره الشرع ينبغي اعتباره وملاحظته.

فاطرد هذا حتى جُعلت كتب الفقه وأصوله في عدوة دنيا وكتب الرقاق في عدوة قصوى .. وصارت قطيعة بين العلم والإيمان .. وأشكل على الناس أن يكون الفقهاء هم أولياء الله (١) لما رأوا يُبساً في من ينتحل العلم. وصار الفقيه بين الناس من يستحسن ويتتبع الرخص! ومن أفتى بما سن نبي الله عد جامدا غير فقيه!!

وأراد قوم أن يتنسكوا فلم يجدوا بغيتهم عند كثير من الموسومين بالعلم فاتخذوا رؤوسا جهالا شرعوا لهم بالأذواق والمواجيد والمنامات من الدين ما لم يأذن به الله!

وطريقة القرآن والسنة في تدريس الفقه ربطه بغايته العليا .. والله المستعان على القيام بأمره.

لكن لما قل العلم ولم يؤخذ عن الأكابر أصحاب النبي ، ضاعت هذه المعاني، وعشيت أبصارُ كثيرٍ عن وجوه المخالفة في البدعة، وظنوا أن في الدين فراغا تُرك للاستحسان .. !

وزعم أمة منهم أن الدين بمعزل عن أمور الدنيا .. فكذبوا على الله ورسوله! وأزروا على السابقين الأولين!

ولربما تمسكوا لتسهيل دعواهم بما لم يحيطوا بعلمه مثل قول النبي : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق اه فقالوا: هذا نص في أن مقاصد بعثة النبي منحصرة لدلالة لفظ إنما في مكارم الأخلاق!! وهم بعد ذلك يمرون على المحكمات وهم عنها معرضون!

لكن معنى الحديث أن الدين الكامل إذ نظم للناس أمورهم في بيوعهم وأقضيتهم .. إنما هو لتتم لهم مكارم الأخلاق (ويزكيهم). وهذه نكتة تدل على ما


(١) - روى الخطيب [الفقيه والمتفقه ١٣٨] بسنده عن الشافعي قال: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي.

<<  <   >  >>