للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتبعهم، وألا نحدث في الدين ما ليس يعرفونه عن النبي باستنباط يستنبطه أحدنا .. وإذا اختلفوا في شيء نظرنا أشبههم بسنة رسول الله، ثم لا نخرج بعد عن خلافهم، إذ كل بدعة ضلالة. وإن جوزنا الخطأ على أحدهم امتنع على جماعتهم. فإذا تركتَ قولَ واحد منهم لما ثبت عندك من الحديث فلستَ هناك حتى تأتي بقولِ صاحبٍ غيرِه يشهد لفهمك كَيْمَا تصيب السنة، وليس يوجد للنبي سنة مقصودة للتشريع لم يعمل بها أحد منهم (١).

كذلك كان التابعون الذين ربما ظُنَّ بهم خلاف هذا، إنما يترك أحدهم فتوى الصحابي إلى فتوى غيره إذا استبانت لأحدهم الحجة من أمر رسول الله ، كما روى الحميدي في المسند [٢٢٣] حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال عمر بن الخطاب: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب. قال سالم بن عبد الله وقالت عائشة: طيبت رسول الله لحرمه قبل أن يحرم، ولحله بعد ما رمى الجمرة وقبل أن يزور. قال سالم: وسنة رسول الله أحق أن تتبع. [صحيح] أي لما رأى عائشة تفتي به، وهو مشهور عنها [خ ٢٦٢/ م ٢٨٩٩]. وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله، ولا يجتمعون بعده على ترك سنة.

ومثله ما روى البيهقي [١٦٧١٩] من طريق جعفر بن عون أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر في الأصابع في الإبهام بثلاثة عشر وفي التي تليها باثني عشر وفي الوسطى بعشرة وفي التي تليها بتسع وفي الخنصر بست، حتى وجد كتاب عند آل عمرو بن حزم يذكرون أنه من رسول الله ، وفيما هنالك من الأصابع عشر عشر. قال سعيد: فصارت الأصابع إلى عشر عشر اه

هذا خبر استدل به من توهم أن التابعين تركوا قضاء عمر لما ثبت في الخبر، وقال لو أن عمر اطلع على ما وصل إلينا لقال به، وسوغ ناسٌ بعده أن يُحتج بالحديث دون


(١) - قال الشافعي [الرسالة ١٣٠٧]: قال فهل تجد لرسول الله سنة ثابتة من جهة الاتصال خالفها الناس كلهم؟ قلت: لا ولكن قد أجد الناس مختلفين فيها منهم من يقول بها ومنهم من يقول بخلافها. فأما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط اه

<<  <   >  >>