للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَدًا" (١) وقال التّرمذيّ (٢): فيه اختلاف تارة يُسْنَد وتارة يرسل (٣).

قال الإمام: وليس هذا بعيب في الحديث، ولا قادح فيه، وقد بيَّنَّا طرق الأحاديث وما يعلَّل منها وما يُتْرَك في أول "الكتاب" فلينظر هنالك.

نكتةٌ في ذلك (٤):

وإنّ الرّاويين إنْ كانا مختلفين (٥)، فقد أفاد أحدهما ما لم يفد الآخر، وإن كان واحدًا، فجائزٌ له أنّ يُسْنِدَ في رواية ويُرْسِل أخرى.

المسألة السّادسة (٦):

لما علّق النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - الحكم على الرُّؤية، وذكرنا (٧) أنّه خبر أو شهادة، وحقّقنا أنّه خبرٌ ينقله مسلم إلى مسلمين، فعرضت هاهنا نازلة جرت لابن عبّاس، وقع في "صحيح مسلم" (٨) أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلاَهُ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ فَسَأَلَهُ ابْن عَبّاس عَنْ رَمَضانَ؟ فَقَالَ لَهُ كُرَيْب: أَهْلَلْنَا لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، قَالَ لَكنْ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ ثلاثين (٩)، فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ؟ فَقَال: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -.

فاختلف النّاس في تأويل هذا الحديث (١٠):

فمنهم من قال: إنّما فعلَ ذلك ابن عبّاس لاختلاف الأقطار في ارتفاع الهلال وانخفاضه وعُلُوِّه في الأُفُق وسفله، وإليه أشار البخاريّ (١١) بقوله: "باب لأهل كلّ بلد


(١) أخرجه الدارمي (١٦٩٩)، وأبو داود (٢٣٤٠)، وابن ماجه (١٦٥٢)، والترمذي (٦٩١)، والنسائي: ٤/ ١٣١.
(٢) بنحوه في جامعه الكبير: ٢/ ٦٩ في التعليق على الحديث السابق ذِكْرُهُ.
(٣) الرِّواية المرسلة أخرجها أبو داود (٢٣٤١).
(٤) انظرها في العارضة: ٣/ ٢١٠.
(٥) غ، جـ: "الروايتين إنّ كانتا مختلفتين" والمثبت من العارضة.
(٦) انظرها في العارضة: ٣/ ٢١٠.
(٧) غ، جـ: "وذكر" والمثبت من العارضة.
(٨) الحديث (١٠٨٧).
(٩) في مسلم بزيادة: "أو نراه".
(١٠) انظر هذا الاختلاف في القبس: ٢/ ٤٨٧ - ٤٨٨.
(١١) قوله: "البخاريّ" تصحيف من النُّسَّاخ أو سبق قلم من المؤلِّف، والصواب "التّرمذيّ" كما في جامعه: ٢/ ٧١ الباب (٩) من أبواب الصِّيام، ويحتمل أنّ يكون المراد مسلم في صحيحه، كتاب الصِّيام (١٣) باب ببان أنّ لكلِّ بلد رؤيتهم وأنّهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بَعُدَ عنهم (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>