للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في شرح المشكاة للطيبي (١): (إن الله تعالى بين الحلال والحرام، بأن مهَّد لكل منهما أصلًا، يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعِنُّ له من الجزئيات، ويعرف أحوالَها، لكن قد يقع في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه، لوقوعه بين الأصلين، ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه، فينبغي أن لا يجتريء المكلَّف على تعاطيه، بل يتوقفه ريثما يتأمل فيه، فيظهر له أنه من أي القبيلين هو، فإن اجتهد ولم يظهر له أثر الرجحان، بل رجع طرفُ الذهنِ عن إدراكه حسيرًا، تركه في حيِّز التعارض أسيرًا، وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه، استبراءً لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم، وصيانةً لعرضه عن أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي والبعد عن الورع، فإنَّ من هجم على الشبهات، وتخطَّى خُطَطَها، ولم يتوقف دونها، وقع في الحرام؛ إذ الغالب أن ما وقع فيه من الشبهات لا يخلو عن المحارم، كما أن الراعي إذا رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه).

وقال الإمام ابن رجب (٢): (ثم ذكر النبي كلمة جامعة لصلاح حركات ابن آدم وفسادها، وأن ذلك كلَّه بحسب صلاح القلب وفساده، فإذا صلح القلب صلحت إرادته، وصلحت جميع الجوارح، فلم تنبعث إلا إلى طاعة الله واجتناب سخطه، فقنعت بالحلال عن الحرام، وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت الجوارح كلها، وانبعث في معاصي الله ﷿ وما فيه سخطه، ولم تقنع بالحلال؛ بل أسرعت في الحرام بحسب هوى القلب وميله عن الحق.


(١) ينظر: شرح مشكاة المصابيح للطيبي (٧/ ٢٠٩٨).
(٢) ينظر: فتح الباري لابن حجر (١/ ٢٢٩).

<<  <   >  >>