فالقلب الصالح: هو القلب السليم الذي لا ينفع يوم القيامة عند الله غيره، وهو أن يكون سليما عن جميع ما يكرهه الله، من إرادة ما يكرهه الله ويسخطه، ولا يكون فيه سوى محبة الله وإرادته، ومحبته ما يحبه الله وإرادة ذلك، وكراهة ما يكرهه الله والنفور عنه.
والقلب الفاسد: هو القلب الذي فيه الميل على الأهواء المضلة، والشهوات المحرمة، وليس فيه من خشية الله ما يكف الجوارح عن اتباع هوى النفس؛ فالقلب ملك الجوارح وسلطانها، والجوارح جنوده ورعيته المطيعة له المنقادة لأمره، فإذا صلح الملك صلحت رعاياه وجنوده المطيعة له المنقادة لأوامره، وإذا فسد الملك فسدت جنوده ورعاياه المطيعة له المنقادة لأوامره ونواهيه.
وقد بوب البخاري على هذا الحديث:(باب فضل من استبرأ لدينه)، والمقصود من إدخاله هذا الحديث في هذا الباب: أن من اتقى الأمور المشتبهة عليه، التي لا تتبين له أحلال هي أو حرام؟ فإنه مستبراءٌ لدينه بمعنى: أنه طالب له البراء والنزاهة مما يدنسه ويشينه؛ ويلزم من ذلك أن من لم يتق الشبهات فهو معرضٌ دينَه للدنس والشين والقدح، فصار بهذا الاعتبار الدين تارة يكون نقيًّا نزها بريًّا، وتارة يكون دنسًا متلوثًا.
والدين يوصف تارة بالقوة والصلابة، وتارة بالرقة والضعف، كما يوصف بالنقص تارة وبالكمال تارة أخرى، ويوصف الإسلام تارة بأنه حسن، وتارة بأنه غير حسن، والإيمان يوصف بالقوة تارة وبالضعف أخرى.
هذا كلُّه إذا أخذ الدين والإسلام والإيمان بالنسبة إلى شخصٍ شخص، فأما إذا نظر إليه بالنسبة إلى نفسِه من حيث هو هو فإنه يوصف بالنزاهة.