للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريق (١)، وبكى أبو هريرة عند موته وقال: إنما أبكي على بعد سفري وقلة زادي (٢).

إذا شكا من قلة الزاد من زاده كثير … فكيف يقول من لا زاد له؟!

يا جامع المال ما أعددتَ للحفر … هل يُغفل الزاد من أضحى على سفر

قال ابن السماك : ما بكوا لسكرة الموت، إنما بكوا لحسرة الفوت، خرجوا من دار لم يتزودوا منها، وقدموا على دار لا زاد لهم فيها (٣).

إذا أنت لم ترحَل بزاد من التقى … وأبصرتَ بعد الموت من قد تزودا

ندمتَ على ألَّا تكون شركتَه … وأرصدتَ ما قد كان من قبل أرصدا

الصاحب الثالث: العمل

أما الخليل الثالث: فهو العمل، وهو الخليل الذي يدخل مع صاحبه قبره فيكون معه فيه، ويكون معه إذا بُعث، ويكون معه في مواقف القيامة، وعلى الصراط، وعند الميزان، وبه تُقتسم المنازل في الجنة والنار.

قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [فصلت: ٤٦]، وقال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ [الروم: ٤٤].

قال بعض السلف : في القبر (٤).

يعني: أن العمل الصالح يكون مِهادًا (٥) لصاحبه في القبر، حيث لا يكون


(١) أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٤/ ٤٠١)، والاستيعاب لابن عبد البر (٣/ ١١٠٨).
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٧/ ٣٨٤).
(٣) أخرجه أبو القاسم الحنائي في فوائده برقم (١٩٨).
(٤) روي عن مجاهد، ينظر: تفسير الطبري (١٨/ ٥١٦)، وتفسير ابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٩٣).
(٥) مهادًا: أي: فراشًا ممهدًا.

<<  <   >  >>