للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بقوله: «يا ذا الجلال والإكرام»: يا ذا الغنى المطلق، والفضل التام، وقيل: الذي عنده الجلال والإكرام لعباده المخلصين، وهو من عظائم صفاته تعالى؛ ولذا قال : «ألِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام» (١)، ومر برجل يصلي وهو يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: «قد استجيب لك» (٢).

وقال ابن القيم في معاني هذا الذكر (٣): (فتأمل هذه الألفاظ الكريمة كيف جمعت نوعي الثناء؛ أعني ثناء التنزيه والتسبيح، وثناء الحمد والتمجيد، بأبلغ لفظ وأوجزِه، وأتمِّه معنًى.

فأخبر أنه السلام ومنه السلام، فالسلام له وصفًا وملكًا، وقد تقدم بيان هذا في وصفه تعالى بالسلام، وأن صفات كماله ونعوت جلاله وأفعاله وأسمائه كلها سلام، وكذا الحمد كله له وصفًا وملكًا، فهو المحمود في ذاته، وهو الذي يجعل من يشاء من عباده محمودًا، فيهبه حمدًا من عنده، وكذلك العزة كلها له وصفًا وملكًا، وهو العزيز الذي لا شيء أعز منه، ومن عز من عباده فبإعزازه له، وكذلك الرحمة كلها له وصفًا وملكًا، وكذلك البركة، فهو المتبارك في ذاته، الذي يبارك فيمن شاء من خلقه وعليه، فيصير بذلك مباركًا: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٤]، ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الزخرف: ٨٥]، وهذا بساط، وإنما غاية معارف العلماء الدنو من أول حواشيه وأطرافه.


(١) أخرجه الترمذي برقم (٣٥٢٥)، عن أنس وقال: غريب.
وأخرجه أحمد في المسند برقم (١٧٥٩٦) عن ربيعة بن عامر ، وصححه الألباني.
(٢) أخرجه الترمذي برقم (٣٥٢٧)، وأحمد في المسند برقم (٢٢٠١٧)، عن معاذ بن جبل ، وقال الترمذي: حديث حسن.
(٣) ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم (٢/ ١٨٧).

<<  <   >  >>