للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا شأن من عرف ما ينبغي لله، ويليق بجلاله من حقوق العبودية وشرائطها، لا جهل أصحاب الدعاوى وشطحاتهم.

وقال بعض العارفين: متى رضيت نفسك وعملك لله، فاعلم أنه غير راض به، ومن عرف أن نفسه مأوى كل عيب وشر، وعمله عرضة لكل آفة ونقص، كيف يرضى لله نفسه وعمله؟

ولله درُّ الشيخ أبي مدين حيث يقول: من تحقق بالعبودية نظر أفعالَه بعين الرياء، وأحوالَه بعين الدعوى، وأقوالَه بعين الافتراء.

وكلما عظم المطلوب في قلبك، صغرت نفسك عندك، وتضاءلت القيمة التي تبذلها في تحصيله، وكلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبين لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعملِ الثقلين خشيت عاقبتَه، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضا بكرمه وجوده وتفضله).

وقال الصنعاني (١): (والاستغفار إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه، لما يعرض له من الوساوس والخواطر، فشرع له الاستغفار تداركًا لذلك، وشرع له أن يصف ربَّه بالسلام كما وصف به نفسه، والمراد ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وصف به للمبالغة.

«ومنك السلام»، أي: منك نطلب السلامة من شرور الدنيا والآخرة.


(١) ينظر: سبل السلام للصنعاني (١/ ٢٩٥).
وأخرجه أحمد في المسند برقم (١٧٥٩٦) عن ربيعة بن عامر ، وصححه الألباني.

<<  <   >  >>