للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون الغرابة والتفرد علّة - على تفصيل في ذلك - تؤدّي إلى رد الخبر، بل والحكمِ عليه بالنكارة، بل وبالبطلان أحيانًا.

قال أبو بكر الخطيب - ذامًّا ما حصل من بعض محدثي زمانه من الاهتمام بالأحاديث الغريبة والمنكرة دون المشهورة -: (وأكثرُ طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب على إرادتهم كَتْب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من روايات المجروحين والضعفاء، حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنَبًا، والثابت مصدوفًا عنه مُطَّرَحًا، وذلك كله لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمةُ من المحدثين والأعلام من أسلافنا الماضين) (١).

قال أبو الفرج بن رجب: (وهذا الذي ذكره الخطيب حق، ونجد كثيرا ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح؛ كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل (مسند البزار) و (معاجم الطبراني)، أو (أفراد الدارقطني)، وهي مجمع الغرائب والمناكير) (٢).

وهذا الذي ذكره الحافظان الخطيب وابن رجب، واقع اليوم ومشاهد تمامًا.

وسوف يأتي كلام الإمام مسلم في هذا.

وقال الحاكم: (ذكر النوع الثامن والعشرين من علوم الحديث، هذا النوع منه: معرفة الشاذ من الروايات، وهو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راو، أو أرسله


(١) (الكفاية) (١/ ٣٤٠).
(٢) (شرح علل الترمذي) (١/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>