للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٧) إِنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَالَ وَأَنْتُمْ تُشْهِدُونَ؛ لِأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الِابْتِدَاءِ) وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي التَّرْجَمَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ ١٨١٦ هَكَذَا) وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ مَعِي مِنَ الِابْتِدَاءِ) وَفِي التَّرْجَمَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ ١٨٦٠ هَكَذَا (وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لِأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الِابْتِدَاءِ (فَيُوجَدُ فِي هَذِهِ التَّرَاجِمِ الثَّلَاثِ لَفْظُ أَيْضًا وَكَذَا يُوجَدُ فِي التَّرَاجِمِ الْفَارِسِيَّةِ الْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ ١٨١٦ وَسَنَةَ ١٨٢٨ وَسَنَةَ ١٨٤١ وَفِي تَرْجَمَةِ أُرْدُو الْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ ١٨١٤ تَرْجَمَةُ لَفْظِ أَيْضًا، فَلَفْظُ " أَيْضًا " سَقَطَ مِنَ التَّرَاجِمِ الَّتِي نُقِلَتْ عَنْهَا عِبَارَةُ يُوحَنَّا سَهْوًا أَوْ قَصْدًا فَهَذَا الْقَوْلُ يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْحَوَارِيِّينَ غَيْرُ شَهَادَةِ الْفَارَقْلِيطِ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الرُّوحَ النَّازِلَ يَوْمَ الدَّارِ لَمْ تُوجَدْ مُغَايَرَةٌ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَشْهَدْ شَهَادَةً مُسْتَقِلَّةً غَيْرَ شَهَادَةِ الْحَوَارِيِّينَ بَلْ شَهَادَةُ الْحَوَارِيِّينَ هِيَ شَهَادَتُهُ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الرُّوحَ مَعَ كَوْنِهِ إِلَهًا مُتَّحِدًا بِاللهِ اتِّحَادًا حَقِيقِيًّا بَرِيًّا مِنَ النُّزُولِ وَالْحُلُولِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَالشَّكْلِ - الَّتِي هِيَ مِنْ عَوَارِضِ الْجِسْمِ وَالْجُسْمَانِيَّاتِ - نَزَلَ مِثْلَ رِيحٍ عَاصِفَةٍ، وَظَهَرَ فِي أَشْكَالِ أَلْسِنَةٍ مُنْقَسِمَةٍ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَوْمَ الدَّارِ فَكَانَ حَالُهُمْ كَحَالِ مَنْ عَلَيْهِ أَثَرُ الْجِنِّ، فَكَمَا أَنَّ قَوْلَ الْجِنِّ يَكُونُ قَوْلَهُ فِي تِلْكَ

الْحَالَةِ فَكَذَلِكَ كَانَتْ شَهَادَةُ الرُّوحِ هِيَ شَهَادَةُ الْحَوَارِيِّينَ، فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ النَّبِيَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ شَهَادَةِ الْحَوَارِيِّينَ.

(٨) إِنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَمْ يَأْتِكُمُ الْفَارَقْلِيطُ فَأَمَّا إِنِ انْطَلَقْتُ أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ (فَعَلَّقَ مَجِيئَهُ بِذَهَابِهِ وَهَذَا الرُّوحُ عِنْدَهُمْ نَزَلَ عَلَى الْحَوَارِيِّينَ فِي حُضُورِهِ لَمَّا أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْبِلَادِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ فَنُزُولُهُ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ بِذَهَابِهِ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا بالْفَارَقْلِيطِ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ شَخْصٌ لَمْ يَسْتَفِضْ مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ قَبْلَ زَمَانِ صُعُودِهِ، وَكَانَ مَجِيئُهُ مَوْقُوفًا عَلَى ذَهَابِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ ذَهَابِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَانَ مَجِيئُهُ مَوْقُوفًا عَلَى ذَهَابِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ وُجُودَ رَسُولَيْنِ ذَوِي شَرِيعَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ غَيْرُ جَائِزٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْآخِرُ مُتَّبِعًا لِشَرِيعَةِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ كُلٌّ مِنَ الرُّسُلِ مُتْبِعًا لِشَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وُجُودُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَمَكَانٍ وَاحِدٍ كَمَا ثَبَتَ وُجُودُهُمْ مَا بَيْنَ زَمَانِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(٩) إِنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: (يُوَبِّخُ الْعَالَمَ) فَهَذَا الْقَوْلُ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ الْجَلِيِّ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ وَبَخَّ الْعَالَمَ سِيَّمَا الْيَهُودَ عَلَى عَدَمِ إِيمَانِهِمْ بِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَوْبِيخًا لَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مُعَانِدٌ بَحْتٌ، وَسَيَكُونُ ابْنُهُ الرَّشِيدُ مُحَمَّدٌ الْمَهْدِيُّ رَفِيقًا لِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي زَمَانِ قَتْلِ الدَّجَّالِ الْأَعْوَرِ وَمُتَابِعِيهِ، بِخِلَافِ الرُّوحِ النَّازِلِ يَوْمَ الدَّارِ، فَإِنَّ تَوْبِيخَهُ لَا يَصِحُّ عَلَى أُصُولِ أَحَدٍ، وَمَا كَانَ التَّوْبِيخُ مَنْصِبَ الْحَوَارِيِّينَ بَعْدَ نُزُولِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ إِلَى الْمِلَّةِ بِالتَّرْغِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>