ثانيًا: يجب على الداعي على الله ومعلم الخير، أن يعتمد لنفسه ومن يعلمهم نظام التعليم الدائم من المهد إلى اللحد، والمسلم الحق هو من يزداد في دينه كل يوم علمًا وعبادة، فإن الله قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(طه: ١١٤).
ثالثًا: يجب أخذ العلم والعمل جميعًا، وعدم إفراد العلم عن العمل؛ لأن هذا مدعاة لأن يقول المسلم ما لا يفعل، وأن يصبح العلم حجة على صاحبه لا حجة له، وقد كان منهج الصحابة في التعلم أخذ العلم والعمل جميعًا؛ فقد كان منهم من حفظ سورة البقرة في عدة سنوات؛ ليحفظ السورة وليعلمها وليعمل بها، كما قال الأعمش:"كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن"، فتأخذ العلم والعمل جميعًا وهذا لمن جاوز مرحلة الصغر وسنوات الحفظ الذهبية، أما من كان صغيرًا فينبغي على المعلم أن يغتنم صغره وأن يهتم بتلقينه وتحفيظه القرآن الكريم والسنة النبوية والعلوم الشرعية، متمثلة في المتون، تلك المتون التي هي كليات العلوم وقضاياها الأساسية، وكثيرًا ما تكون نظمًا أو نثرًا، ثم في الكبر يعتني بعد ذلك بالفهم والتعلم والتفقه، بأن يستشرح الطالب ما حفظه في صغره من المتون، ومن قواعد التعليم تعلم الحق قبل تعلم الباطل؛ لأن السابق إلى الذهن يتمكن منه ويستقر فيه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبوه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) والفطرة في الحديث هي التوحيد، كما قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}(الروم: ٣٠).
فيجب تعليم الصغار كلمة التوحيد وتنشئتهم على الفضيلة والخلق الطيب، قبل اطلاعهم على أنواع الكفر والشرك ومعرفة الرزيلة، ثم يجب تعلم جواب الشبه قبل ورودها تحصنًا منها، كما كان الله -سبحانه وتعالى- يعلم المسلمين ما يقولونه جوابًا