ولقد يعجب الإنسان ويدهش عندما يقرأ ما للقوم من سخافات في فهمهم لبعض نصوص القرآن، أوقعهم فيها التنطع والتمسك بظواهر النصوص، ولكي لا أتهم بالقسوة في حكمي هذا، أضع بين يدي القارئ الكريم بعض ما جاء عن القوم، حتى لا يجد مفرًا من الحكم عليهم بمثل ما حكمت به. ثم ساق أمثلة على ذلك (٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩). (١) أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٢٨): حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثني أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة … الخبر. وفيه يقول الأشتر: "ولكني رأيت طلحة والزبير والقوم بايعوا عليًا طائعين غير مكرهين". وصحح الحافظ إسناده في "الفتح" (١٣/ ٥٨). وهذه الرواية الصحيحة تكذب الروايات الضعيفة التي تذكر أن الأشتر سل سيفه فأجبر الزبير وطلحة على البيعة. وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٦٠): حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: بلغ علي بن أبي طالب أن طلحة يقول: إنما بايعت واللجّ على قفاي، فأرسل ابن عباس فسألهم قال: فقال أسامة: "أما واللج على قفاه فلا، ولكن بايع وهو كاره". إسناده صحيح. والفرق واضح بين الكاره والكره، وأخذًا بالاعتبار قول أسامة: "ولكن بايع وهو كاره" نقول: إن كان هناك احتمال آخر فهو أنهما كانا كارهين لحظة البيعة لأنهما كانا يريان ضرورة الحسم في مسألة قتلة عثمان، والقصاص منهم قبل إجراء البيعة، وإلا فإنهما لم يختلفا في أولوية علي ﵁، وأحقيته بالخلافة، ولو كانت كراهتهما من أجل عدم قناعتهما بأحقية علي لقالا له عندما سألهما بعد ذلك: ألم تبايعاني؟ فكان عليهما أن يقولا: نعم. بايعناك ولكن كارهين غير مقتنعين بخلافتك، ولكنهما أجابا بأنهما يطلبان دم عثمان ليس إلَّا، أي أنهما كانا يريان ذلك أشد ضرورة، ونحن لا نشك أن أمر الخلافة أولى، وأن عليًا كان مع الأصوب والأولى.