للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذا قال (١)، وهو خلاف ما قاله أهلُ الأخبار، فإنه لا نزاع عندهم أن الخوارج لم يطلبوا بدم عثمان، بل كانوا ينكرون عليه شيئًا (٢) ويتبرؤون منه.

وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان، فطعنوا على عثمان بذلك، وكان يقال لهم: القرَّاء، لشدّة اجتهادهم في التلاوة والعبادة، إلا أنهم يتأولون القرآن على غير المراد منه (٣)، ويستبدون بآرائهم، ويبالغون في


= • وأخرج أحمد في "فضائل الصحابة" (١/ ٤٥٢) وابن سعد في "الطبقات" (٣/ ١٠٣) بسند صحيح.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: رأيت عليًا رافعًا حضنيه يقول: "اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان".
• وأخرج أبو نعيم في كتاب "الإمامة" (٣٢٩ رقم ١٣٨) عن قيس بن عباد قال: سمعت عليًا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قتل وانكسرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله تعالى أن أبايع قومًا قتلوا رجلًا قال له رسول الله : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة، وإني لأستحي من الله تعالى أن أبايع وعثمان قتيل على وجه الأرض لم يدفن بعد.
وأخرجه الحاكم كذلك عن قيس بن عباد وزاد فيه: "فانصرفوا فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت، فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى. قال الحاكم في المستدرك (٣/ ٩٥): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ولقد بيّن الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" أن الحافظ ابن عساكر اعتنى بجميع هذه الأحاديث، ثم قال ابن كثير: ولقد نهى عنه (أي نهى عن المشاركة في الفتنة أيام عثمان) فلم يسمعوا منه. ثبت ذلك عنه من طريق القطع عند كثير من أئمة الحديث. البداية والنهاية (٧/ ١٩٣).
(١) أي: الرافعي في الشرح الكبير.
(٢) ينكرون عليه أشياء، كما في "الفتح" (١٢/ ٢٨٣).
(٣) قال الدكتور الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه "التفسير والمفسرون" (٢/ ٢٩٢): "سلطان المذهب يغلب على الخوارج في فهم القرآن: والذي يقرأ تاريخ الخوارج، ويقرأ ما لهم من أفكار تفسيرية، يرى أن المذهب قد سيطر على عقولهم وتحكم فيها، فأصبحوا لا ينظرون إلى القرآن إلا على ضوئه، ولا يدركون شيئًا من معانيه إلا تحت تأثير سلطانه، ولا يأخذون منه إلا بقدر ما ينصر مبادءهم ويدعو إليها". اهـ. ثم يسوق أمثلة على ذلك (٢/ ٢٩٣ - ٢٩٧). =

<<  <  ج: ص:  >  >>