للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استدلَّ القائلون بأنَّ الطلاق يتبع الطلاق بأدلةٍ.

(منها) قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (١) وظاهرها جواز إرسال الثلاث أو الثنتين دفعةً أو مفرَّقةً ووقوعها.

قال الكرماني (٢): إن قوله: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ (١) يدلّ على جواز جمع الثنتين، وإذا جاز جمع الثنتين دفعةً جاز جمع الثلاث.

وتعقبه الحافظ (٣) بأنه قياس مع الفارق، لأن جمع الثنتين لا يستلزم البينونة الكبرى، بخلاف الثلاث.

وقال الكرماني (٤): إنَّ التسريح بإحسانٍ عامٌّ يتناول إيقاع الثلاث دفعةً.

وتُعقِّب (٥) بأن التسريح في الآية إنما هو بعد إيقاع الثنتين فلا يتناول إيقاع الثلاث دفعة، وقد قيل: إنَّ هذه الآية من أدلة عدم التتابع، لأن ظاهرها أن الطلاق المشروع لا يكون بالثلاث دفعة، بل على الترتيب المذكور وهذا أظهر.

واستدلوا أيضًا بظواهر سائر الآيات القرآنية نحو قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ (٧).

وقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ (٨).

وقوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٩)، ولم يفرق في هذه الآيات بين إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث.

وأجيب بأنَّ هذه عمومات مخصصة وإطلاقات مقيدة بما ثبت من الأدلة الدالة على المنع من وقوع فوق الواحدة.

واستدلوا أيضًا بحديث سهل بن سعد المتقدم (١٠) في قضية عويمر العجلاني، وقد قدمنا الجواب عن ذلك.


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٢) في شرحه لصحيح البخاري (١٩/ ١٨٢).
(٣) في "الفتح" (٩/ ٣٦٥).
(٤) في شرحه لصحيح البخاري (١٩/ ١٨٢).
(٥) تعقبه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٣٦٦).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٣٠).
(٧) سورة البقرة، الآية: (٢٣٧).
(٨) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).
(٩) سورة البقرة، الآية: (٢٤١).
(١٠) برقم (٢٨٥٠) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>