ونحن نتكلم عن منهج المؤلف في هذا الكتاب فلا بد أن يكون كلامنا من ناحيتين: الأولى: منهج مؤلف الأصل، وهو ابن عبد الحكم ﵀.
والثانية: منهج مَنْ زاد على الأصل، وهما: محمد ابن عبد الحكم ابن المؤلف، ومحمد بن عبد الرحيم البرقي، لكننا سنكتفي هنا بذكر البَرْقِي باعتباره صاحب الرواية، أما منهج ابن عبد الحكم في مختصره الصغير؛ فكما يلي:
أولًا: أنه اعتمد في المقام الأول على نقل مذهب الإمام مالك وأقواله من خلال كتابه الموطأ.
ثانيًا: أنه نهج منهج الاختصار في إيراد مسائل الكتاب دون تطويل، وهذا واضح حتى من عنوان الكتاب.
ثالثًا: أنه سلك مسلك الترجيح أو الاختيار في الكتاب، أي أنه يذكر في جميع مسائل الكتاب قولًا واحدًا هو اختياره، دون الخوض في الخلافات، كما يقول أحيانًا: فإن فعل كذا فلا بأس، أو أرى أنه يجزئه، مع أن هناك عشرات المسائل الخلافية في الكتاب، اختلف فيها أصحاب مالك أو من بعدهم لاختلاف أقوال الإمام مالك في ذلك، أو لاختلاف تفسير معنى من المعاني في المذهب، ومثال ذلك حتى تتضح الصورة؛ قال ابن عبد الحكم في باب المسح على الخفين:"ويمسح المسافر والمقيم على خفيه"، وهذا قول مقطوع به عند ابن عبد الحكم.
لكن هناك خلاف مشهور حول هذه المسألة في المذهب، فإن المعروف عن الإمام مالك في ذلك ثلاثة أقوال، كما ذكر ابن رشد في البيان والتحصيل