للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ في استنباطاته من قصة آدم وإبليس في خوارق العادة، وما هو منها كرامة وغير كرامة: إِنه لا ينبغى للمؤمن أن يغتر بخوارق العادة إذا لم يكن مع صاحبها استقامة على أمر الله، فان اللعين أنظره الله تعالى، ولم يكن ذلك إلا إِهانة له وشقاء له، وحكمة بالغة يعلمها الحكيم الخبير، فينبغي للمؤمن أن يميز بين الكرامات وغيرها، ويعلم أن الكرامة هي لزوم الاستقامة ومن ذلك يعلم أن الأمور التى يحرص عليها أهل الدنيا قد تكون عقوبة ومحنة، والجاهل يظنها نعمة مثل المال والجاه وطول العمر، فإن الله أعطى اللعين من النظرة ما أعطاه.

وكذلك الفاجر قد يعطيه الله سبحانه مثلا من القوى والإِدراكات في العلوم والأعمال حتى في صحة الفراسة، كما ذكر عن اللعين حين تفرس فيهم أن يغويهم إلا المخلصين، فصدق الله فراسته في قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (سبأ: ٢٥) . فإِن قيل في الحديث: "اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله" فلا يناقض ما ذكرناه، بل يدل على أن المؤمن أتم هذه الخصلة من غيره وأصدق، كما كان في العلم والإيمان والأعمال والحلم والصبر وغير ذلك، ولوكان للفجار شيء من ذلك١.


١ مؤلفات الشيخ، القسم الرابع، التفسير ص ٩٥، ٩٨ والحديث رواه الطبراني
والترمذي من حديث أبي أمامه وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد وراجع تخريجه في كشف الخفاء ومزيل الإِلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للشيخ إِسماعيل العجلونى، ج١ ص ٤١-٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>