ولا من أحد من أهل العلم مساعدة، ولو بالتخلي عن وظيفة ومرتب زائدين عن حاجتهم، فيضطرون هناك إلى الاشتغال بما يقيهم ذل السؤال والأمر لله.
وقد كان الواجب يتقاضى من يزعم الغيرة على الدين وأهله، ويدعي أنه من حماته ودعاته، أن يساعدهم بكل ما يمكن رحمة بهم، وبمئات الطلاب التي كان يمكن أن تحصل عندهم وتخرج على أيديهم.
من ذا الذي يخدم الدين للدين، والعلم للعلم خدمة خالصة من كل شائبة لا يتقاضى عليها أجرا أو ليس له في مقابلها شيء؟! ألا ليت أصحاب الوظائف الموكول إليهم أمرها يقومون بها ويوفونها حقها كيلا يأكلوا أجورها من دون عمل وهي لم توقف أوتخصص إلا لمن عمل. ثم يقارن أبو اليسار بين الفريقين فيقول:
(حالنا وحال النجديين)
((إذا أردنا أن نقابل بيننا معشر أهل التمدن والحضارة وبين سكان البوادي النجديين الذين تزعم، وتوازن بين سخائنا على نشر العلم وسخائهم وغيرتنا على الدين وغيرتهم، وكانت حالنا ما قدمنا- ورأينا كثيرا من كتب العلم الديني قد طبعها تجارهم، وجعلوها وقفا لله تعالى، ووزعوا الألوف منها على المسلمين في عامة الأقطار، سواء في ذلك أهل البوادى وسكان المدن والأمصار، ولايزالون دائبين على طبع الكتب النفيسة، حريصين على نشرها مجانا يخرجون بها الناس من ظلمات الجهل